فنان جبال الأطلس المتوسط الشامخة لا يمكن إلا أن يكون شامخا..
لمحة عن الفنان الراحل محمد السراجي..
بقلم ذ. الفنان عمر أيت سعيد
كيف يمكن لنا أن ننسى يوما ابتسامته العريضة، سخائه، حضنه الواسع الذي يتسع للجميع؟ كيف يمكن أن ننسى ألوان وأشكال لوحاته التي تسكن جزء من أذهاننا وخيالنا بل تسكننا كل يوم؟ رجل مبدع رحل عنا في صمت دون سابق اندار، مند أسابيع قليلة، رحل عنا ونحن لم نصدق ذلك بعد.
الراحل /الحاضر محمد السراجي الفنان التشكيلي ابن مدينة الحاجب، الذي مثل الأطلس المتوسط خير تمثيل في محافل كثيرة و ساهم في إشعاع إبداعه بسوس العالمة خاصة بمدينة أكادير، فكان له السبق في عرض لوحاته بالمقهى الثقافي ”كبريس امازيغ” في قلب مدينة أكادير.
هو معروف في الأوساط الفنية بمدينة أكادير وفي المغرب بشكل عام بكل بساطة لأنه يشتغل على الجذور، الجذور الثقافية المغربية، يطوع حروف تيفيناغ في لوحاته فيجعل من منجزه الفني كمثل الأم التي تحتضن الجميع وتتعايش مع الجميع، في بعض لوحاته نجد حروف تيفيناغ تحضن لغة الضاد بحروفها.
يخبرنا أستاذ مادة الانتروبولوجيا الحسين بويعقوبي الذي يدرس بجامعة بن زهر أن الفنان السراجي ” كان ذو عقلية قيادية وكان طالبا يملك مهارة التواصل الفعال حيت نجح بامتياز في مهمة التنسيق بين الطلبة والأساتذة في عدة محطات في سلك الماستر بشكل احترافي.
بعد ذلك تطورت علاقة الاستاذ مع الفنان السراجي من علاقة طالب / استاذ إلى صديقين يتقاسمان الهم الثقافي والتنويري باكادير، خاصة الارتقاء بالفنون وتنميتها، فكان لهما عدة لقاءات واجتماعات في عدة مؤسسات تربوية وثقافية خاصة بالمقهى الثقافي ”كبريس” المعروف باكادير والذي افتتحه بأنشطته الفنية هذا المقهى الثقافي الذي يسيره الفاعل الثقافي حسن وعبون والذي يسهر على تنشيط فقراته العلمية والفنية ثلة من المثقفين والجامعيين باكادير. أمثال ذ. صابر و ذ. الحسين بويعقوبي، وذ. بكريم لحسن …
الفنان السراجي قريب جدا من المؤسسات الجامعية، حيت سبق له أن أطر ورشات فنية بالتنسيق مع المرحومة فريدة بوعشراوي ماستر كلاس ،كما نسق مع ذة ، الزهرة مكاش في سياق توتورا.
شاء القدر أن يرحل قبل أن يتمم ورشة فنية لفائدة الطلبة والمقرر سلفا انه سينشطها، يوم 7 أبريل بمعية الطلبة بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بأيت ملول.
فقدنا وفقدت منه مدينة أكادير فنانا أراد العلى والازدهار الفني والثقافي لهذا البلد الجميل عموما ولمدينة أكادير خصوصا، ولكن للاقدار كلمتها الفيصل في كل الأمور.
بينما يشير صديقه الناقد ذ. رشيد الحاحي أن محمد السراجي فنان تشكيلي صادق في أعماله عمل وكابد على امتداد عدة سنوات من أجل تطوير تجربته الإبداعية والتشكيلية وكان له حضور باستمرار مند زهاء 30 سنة، التقيت به لأول مرة مند حوالي 15 سنة في مدينة الرباط، في مهرجان الرباط أنداك نظمنا معا مهرجانا تشكيليا حول الثقافة الأمازيغية واكتشفت فيه مبدعا وإنسانا مثابرا ولما استقر باكادير كان لي معه لقاءات بين الفينة والأخرى فكنت متتبعا لتجربته الإبداعية التي بطبيعة الحال كانت في المستوى وكان يسعى إلى تطويرها.
كان له حضور وازن خاصة في اللقاءات الافتراضية عن بعد التي نظمتها الجامعة الصيفية باكادير، خلال فترة الحجر الصحي حيث كنا عملنا على خلق حوارات بين مبدعين في أجناس مختلفة ومتنوعة على شكل حوارات فكان العمل على شكل وصلات بصرية وكانت تجربته مهمة جدا.
نرجو الله له الرحمة والمغفرة وتبقى بصمته أكيد لا تمحى وفنه علامة وتاريخ مهم جدا ضمن مسار و صيرورة تطور الفنون المغربية بشكل عام.
يضيف الفنان رشيد فاسح انه تعرف عليه من خلال صديقه الفنان حستي وان السراجي رحمه الله كان أستاذا لمادة اللغة الفرنسية لابنيه، وانه كان عاشقا للثقافة الأمازيغية و مستثمرا لها في جل أعماله الإبداعية حيت اشتغل على الرموز والعلامات والحروف في أشكال وألوان صنعت الجمال في إبداعاته.
حضرت له في عدة معارض. هو زوج لاستاذة الفنون التشكيلية ذة، امينة الشاوي التي اشتغلت معنا بمؤسسة التفتح سابقا حيت زارنا الفنان السراجي ورسم لوحتين إبداعيتين في ذات المؤسسة.
في ما يخص الجانب الاجتماعي للمرحوم الفنان محمد السراجي فتخبرنا زوجته أمينة الشاوي أستاذة الفنون التشكيلية أنها تعرفت عليه مند 16 سنة ولمست فيه ذلك الفنان المبدع المتشبث بجذوره الأمازيغية وكان دائم البحث والدراسة حول تاريخ الفن الامازيغي، وان قوة ارتباطه بالأرض جعلت من لوحاته تغلب عليها الألوان الترابية، كما أنه يحاول أن يزاوج بين الحروف الأمازيغية و العربية ويوظفها توظيفا جماليا في لوحاته .
محمد السراجي كإنسان وكأب كان صديقا لي ولأبنائنا لأن طباعه كانت طباع فنان حقيقي، إنسان مقبل ومحب للحياة، دائم الابتسامة ومحب للطرفة والدعابة ورغم أنه سريع الغضب لكنه متسامح جدا.
لا يتردد على تقديم المساعدة لكل من جمعته به ظروف الدراسة الجامعية أو العمل،. فقدنا فيه الكثير، لا تزال أفكاره وأعماله تسكننا.
السراجي المبدع رحل عنا، لكن أعماله وابداعاته لا تزال خالدة وكلنا أمل أن تلتفت إليها المؤسسات المعنية بالأمر وأن يتم جمع تلك الأعمال وتوثيقها والحفاظ عليها ليستفيد منها المغاربة جميعا.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.