سؤال “حكامة ” تدبير الجماعات الترابية بين الامكانيات والتشريع والواقع السياسي
مصطفى المتوكل الساحلي
يرتكز الحديث عن تدبير المجال الترابي على كل من : – الجماعات الترابية المنتخبة – والادارة الترابية الممثلة لوزارة الداخلية والحكومة – والادارات الترابية القطاعية على مستولى الاقاليم والجهات ..
فالسيرة التاريخية ما بين استقلال المغرب والدستور الأول إلى دستور 2011 إلى اليوم نونبر 2022 .مرت 65 سنة يعرفها من يضع التشريع وأهل الميدان والاختصاص والتي تم التعامل فيها بإخضاع الإصلاحات التشريعية لضرورات مرحلية في علاقة بملابسات الواقع السياسي العمومي وفق تخطيط يجمع بين الاستجابة لبعض مطالب القوى الديموقراطية الحية بمنهجية الجرعات على مراحل وحقب من أبرزها تعديلات وإضافات دستور 2011 ، الذي جاء في ظرفية حراك شعبي امتد من المحيط إلى الخليج ،
إن من التساؤلات المثيرة للاهتمام لها علاقة بتأثير ذلك على الحياة السياسية و الديموقراطية والحقوقية ونتائج كل ذلك في طبيعة ومستوى العيش اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا حتى 2022 ، وماهي نسبة التقدم والتطور ؟ وماهي نسبة التراجعات والانتكاسات..؟
فتدبير المشهد السياسي ما بين 2000 إلى ” الربيع الديموقراطي ” أفرز توجهات سعت للانقلاب على النخب وعلى القوى الحية لإعادة التحكم في المجتمع والمشهد ، باستغلال الدين في السياسة وشن حروب تشكيكية استهدفت مصداقية الاحزاب التاريخية والنقابات وقوى التغيير ، هذا التوجه استغل الاصلاح الدستوري والمسؤولية الحكومة لولايتين تعطلت و تراجعت فيها مكتسبات جاءت بنضالات سنوات الجمر والرصاص و فتحت أوراش كبرى لحكومة التناوب لم يكتب لها الاستكمال والتثمين الضامن لتطوير النتائج إيجابيا ،
لقد صاغت الدولة أطروحات كأرضيات ومبادئ عامة انطلاقا من رؤية تقيمية خاصة في أفق أعادة بناء وتصحيح الاختلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية ..مثلا بإطلاق أوراش صياغة النموذج التنموي الجديد الذي ينتقد ويكشف اختلالات سابقة ..؟ ووضع تقارير تشخيصية بقوة اقتراحية من طرف مؤسسات رسمية ومجالس استشارية تنبه إلى عدم فعالية وضعف جدوى بعض السياسات والبرامج تعلق الأمر بالأزمة المجتمعية أو الأزمة الاقتصادية و بالتنمية في جميع مجالات الحياة ،وللأمر بشكل مباشر أوغير مباشر بالسؤال الملكي أين الثروة ؟
ما يعنينا اليوم وغدا أن نجيب على متطلبات الوطن شعبا ودولة بصراحة وجرأة وطنية وببرامج رائدة علمية وعملية فاعلة في الواقع ، وتسائل الدولة الواقع السياسي اليوم في علاقة بالمؤسسات المنتخبة / الجماعات الترابية في علاقة بالاحزاب السياسية و النقابية والمجتمع المدني ومسالة فهم الدستور والمهام والمسؤوليات العمومية ..
علينا أن نضبط بدقة ما تحقق بالدستور الجديد من بناء مؤسساتي في علاقة بكل مؤسسات الدولة ” الحكومة وقطاعاتها والادارات المغربية ” ، في علاقة بفهم ضوابط السلط والفصل بينها ، وفي علاقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحققة لعدالة ترابية ومجالية وقطاعية في ارتباط ببرامج الحكومة وسياساتها وتدبيرها اليومي وحصيلة كل ذلك وتأثيره في الواقع ..
وللجميع أن يتساءل لماذا أفرزت العشريتان الأخيرتان 2000، إلى 2022 ، ردة ونكوصا واضطرابا في الدور الجوهري للموارد البشرية السياسية في التأطير الحزبي والنقابي والعمل الجمعوي الوطني ..؟ ولماذا يسجل عزوف النخب و تزايد ارتفاع مقاطعة او عدم اهتمام الشعب عن السياسة وعن الاهتمام بالشؤون العامة ..؟
لماذا غالبية المنتخبين غير منتمين فعليا للأحزاب السياسية ولا علاقة لهم بها و بمبادئها ولا تعاطف ولا ارتباط معها ، إنما يبحثون عن لون سياسي للترشح ومنهم من لم يكن لهم أي اهتمام بالعمل السياسي ولا الشأن المحلي ، وتكوينهم بعيد عن الفكر الديموقراطي والحقوقي …؟
وهل الجماعات تمتلك اليوم وبالأفق المنظور الإمكانيات : الموارد البشرية والمالية واللوجيستية وكل ما يلزم لتحقيق تنمية فعلية تخرج الجماعات الترابية بالبوادي والمدن من دوامة سير السلحفاة في الحقل المغلق ..؟
لماذا يتم تصنيف الجماعات الترابية بطريقة غريبة تكشف عن خلفية الفهم السياسي المعتمد : المدن الاقطاب أو العواصم الجهوية ثم المناطق الخلفية للعواصم سواء كانت مدنا أو قرى ، – تصنيف – تضبط به “سرعة” التنمية ودرجتها حسب مايراه المخططون الذين يجب عليهم أن يعتمدوا سرعة مماثلة مع كل الجماعات الترابية لتحقق تكاملا متوازنا بين المناطق والجهات والعواصم يجعل المواطنين والمواطنات سواء أمام التنمية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية ترابيا …
تارودانت : الاربعاء 30 نونبر 2022.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.