روتيني السياسي: لا تحلق الملائكة فوق سماء الدكاكين
أزول بريس – حنان أنجار //
إذا كانت المناسبة شرط لاستيعاب ما يحدث الان في المشهد السياسي و الإجتماعي ببلادنا، فمن الواضح أن حمى الإنتخابات تبقى السبب الوحيد والمنطقي في كل ما يحدث. و بالرغم أن للسياسة منطق لا يقبله المنطق. لكن يبقى المنطق الذي لا يقبله منطق آخر باطل إلى أن تتبث صحته.
أكاد أجزم أن الأبجديات الأولى التي تعلمناها جميعا في السياسة كانت من خلال كتاب الأمير لمكيافيلي. بداية بكون السياسي يمارس فن التأثير على الناس إذ أنه قائد بالممارسة لا بالفطرة. لكن إذا كانت القيادة في معناها الشامل تعني صنع مجموعة من القيادات الجديدة، فالسياسي لا يجب أن يعترف بوجود قيادات غيره، و كل من سينافس الأمير على القيادة سيعامل معاملة العدو، وأكد على ضرورة الإنتقام من الأعداء.
كما أن مكيافيلي في كتاب الأمير أكد على أن الإنتقام يجب أن يكون قاسيا جدا حتى لا يقوى العدو على القيام بردة فعل معاكسة، لكن المقارنة هنا مع وجود الفارق، وهو أن ميكيافيلي تحدث عن الأعداء الذين يشكلون تهديدا حقيقيا للدولة في أي محاولة منهم لقلب الحكم.
و بإسقاط بسيط على ما يحدت الآن بين أحزاب و أخرى يتضح للعموم أن دينامية حزب قد تشكل تهديدا لإستمرارية أحزاب أخرى رغم أن الهدف كان يجب أن يكون وحيدا وموحدا ألا و هو خلق مجتمع المواطنة حيث يتعايش المواطن الحاكم المنتخَب والمواطن الذي إنتخبه بكل إرادة، لغاية في نفسهم بتحقيق المصلحة العامة و إيمانا منهم أن العمل السياسي خدمة عمومية نبيلة، و الذي سرعان ما تحول إلى نزوعات انتهازية فردية لدى بعض الفاعلين السياسيين فيما بينهم.
و لكي نسمي الأشياء بمسمياتها وقصد التدقيق في التفاصيل بعد كل السطور السابقة من التمهيدات فأقصد بكلامي ما تقوم به أحزاب المعارضة ببلادنا وقد اتخذوا من مؤسسة الفقيه التطواني صوانا للعزاء و منبرا لنشر الشعبوية عفوا السوداوية والخطاب البئيس، بيوتهم من زجاج و يظنون أن لهم سقف بيت من حديد و ركن بيت من حجر ، و تبقى الدوافع في كل مرة تابثة لا تتغير بتغير الأشخاص “التآمر على الديموقراطية” ” إستمالة الناخبين” و “سرقة الكعكة الإنتخابية” ويبقى السؤال الذي نطرحه كمتتبعين من يتآمر على من؟
هذا سؤالنا نحن لكن الفعل السياسي لا يسأل أحد و لا يستعطف أجوبة، لكنه يطلب في هذه الأيام المفترجة عند الله أن يبعد عنه الجياع و الضباع و أصحاب المصالح و يطلب منا أن نلتف حوله بخطاب العقل و القيم و خطاب البناء الديموقراطي الذي ينتصر للوطن و المواطن، لا بخطاب الشعبوية.
الملائكة لا تحلق فوق سماء الدكاكين السياسية. فمثل هكذا تصرفات أبانوا أنهم ليسوا أكثر من دكاكين في قيسارية السياسة يصرفون نفس السلع و بنفس الخطاب، بل و يصفون أنفسهم بأحزاب كبيرة و الكبير كبير بمواقفه وليس بعدد منتسبيه و لا بعمره السياسي، الاحزاب تكبر وتصغر ببرامجها ومشاريعها البناءة، و البقاء في الأخير للأصلح لأن الاحزاب تقاس بمواقفها ومدى قربها من هموم المواطنين.
يبدو أن العمل الإحساني إستطاع أن يخرج الشعبويين من دكاكينهم، هذه الدكاكين التي لم تخرجهم ليمارسوا ما يمارسونه الآن من تنظير و مزايدات في حرب كورونا، ولا في حرب الأسعار و لا حتا في الحروب التي خاضوها المغاربة في مختلف مناطق المغرب من الريف مرورا بجرادة و وصولا إلى الفنيدق.فكل الفئات الاجتماعية بمختلف أطيافها تحتج وتناضل وتقاطع في غياب تام للمعارضة التي عوضتها مواقع التواصل الاجتماعي في إيصال بعض المطالب والأصوات الاحتجاجية لكن يبدو أن القفف إستطاعت أن توحد أحزاب المعارضة التي لم تتحد لمصلحة المواطن المغربي بل لغرض في نفسها، و حقيقة ما هكذا تورد الإبل فالمزايدة الحقيقية تكون بالعمل و فقط، لا بأفكار مسطحة كطاولة الحداد وتقديم الفتاوى في كل شيء “ماكاين غي جيب أ الفم و قول”.
غريب كيف وصل الأمر بأحزاب المعارضة أن يختصروا الدولة في ذواتهم و التطاول على المؤسسات الدستورية “أجي أ المجلس الأعلى للحسابات نوريك شكون تحاسب”، لكن من يدري فربما بات فجأة من إختصاصات احزاب المعارضة معارضة مصلحة المواطن البسيط الذي يحاول ما أمكن أن يعيش فقره بكرامة و عزة نفس، و يرفضون الوساطة و التكافل بين أفراد المجتمع بل و ينصبون أنفسهم زعماء و ثوار على المجتمع نفسه.
حقيقة إن كان هناك ما يجب التأكيد عليه فهو وجوب الفصل بين الأخلاق الإيمانية و المبادئ الوطنية و بين الصراعات السياسية فكل الوسائل فيها مباحة و مشروعة.
و في سطر أخير كل ما نروجوه ان لا تكون هذه الحرب بمثابة القشة التي ستقسم ظهر البعير و تزيد في منسوب العزوف الإنتخابي لذى المغاربة ، و أن لا يكون شعار المرحلة ” أحزاب عبد الواحد كلهم واحد”. و تبقى آخر دعوانا “الله يجود علينا” بمن يمارس السياسة بخطاب نظيف و بنظافة يد.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.