ما أبرع حكومتنا في التعامل مع الظلم و الباطل في هذه الأيام فما هي إلا لحظات من اتهام أمين الرباطي لنادي الرجاء البيضاوي بتقديم رشاوى للتلاعب بنتائج المباريات حتى أطل علينا وزير العدل الرميد ليصرح بأنه من سيتولى التحقيق في هذه النازلة شخصيا، ليحقق العدالة للشعب المغربي و كأن إشكاليات القضاء في المغرب قد حلت كلها فلم تبقى سوى كرة القدم. لكن لا بأس، بما انه من اختار هذا فوجب علينا تذكيره بجملة من ملفات الفساد التي تطال هذا المجال. لا أدري أ كان السي الرميد نائما أم ميتا أم زاغت عنه الأبصار لما أثبتت جميع الاستطلاعات رغبة الشعب استخلاف الزاكي على رأس المنتخب كبديل لكيريتز الذي افرغ خزينة الدولة و خلف زيادة في الضرائب التي يتكبدها المواطن المغربي، لتتكلف الجامعة بتنصيب الطاوسي الذي سمح لنفسه أن يكون طرفا في هذه المؤامرة التي استهدفت هذا الشعب المسكين، وحمدا لله افتضح أمره و اثبت انه مجرد طائر سولت له نفسه ترويض الأسود.
أتساءل كذلك أين كان السي الرميد لما اعتصم سكان ‘‘اميضر‘‘ بتنغير و انقطع أبناؤهم عن الدراسة، لأنهم اضطهدوا في حقوقهم و انتهبت ممتلكاتهم، فلا يوجد منبر إعلامي حر إلا و ذكره بمأساتهم (ليس القنوات المغربية طبعا) إلا انه فضل السكوت و غض الطرف، لا أدري ربما لم يكن يعتبرهم مغاربة و عليه إنصافهم.
لا أدري أين كنت السي الرميد لما صادقت رفقة بقية وزراء حكومتكم الموقرة على مرسوم غير قانوني من كل الجوانب و أنتم على علم اليقين بذلك. إن المرسوم القاضي بمعادلة خريجي معاهد تأهيل الأطر بالميدان الصحي التابعين لوزارة التعليم العالي و وزارة الصحة مع تقنيي المدارس الخاصة في الشبه الطبي التابعين للتكوين المهني لهو عين المنكر.
وهنا وجب التوضيح، فأكثر المواطنين انصاعوا لأكاذيب مسؤولي الحكومة القائلين : ‘‘أولئك مغاربة و الآخرون مغاربة’’ ‘‘ أولئك أبناؤنا و الآخرون كذلك’’ ‘‘أولئك درسوا 3 سنوات و الآخرون كذلك’’ مسفهين بذلك عقول المغاربة المساكين.
عيب و عار أن نتحدث عن إشكال قانوني و عن حراك جماهيري منقطع النظير دام أكثر من 3 أشهر من مقاطعة للدروس و التداريب و هذا ما لا يمكن أن تسمح به حكومة تعتبر نفسها شعبية و ديمقراطية مهما كان. فيطل المسؤولون في القنوات التلفزية ليقدموا مثل هذه التبريرات الخشبية.
و من بين مبررات الوزير الوردي(وزير الصحة) كذلك الخصاص المهول المتمثل في 9000 ممرض على الأقل و هنا نطرح السؤال كيف يمكن تصديق ذلك و 5000 خريج من معاهد تأهيل أطر الصحة التابعة للدولة معطلون حاليا، كما أن عدد المناصب المالية المخصصة لوزارة الصحة ككل سنة 2014 لا يتعدى 2000 منصب، إن هذا محض هراء.
كما أود التذكير بأن القانون 00-13 الذي يتحدث عنه الوزير الحسين الوردي ينص على أحقية خريجي التكوين المهني الخاص في اجتياز مباراة مشتركة مع خريجي التكوين المهني العمومي و ليس مع الأطر العليا، فالممرضون اطر عليا تابعة للتعليم العالي . من هنا نفهم أن المراد حقا ليس هو سد الخصاص و إنما خصخصة القطاع و المراهنة بصحة المواطنين.
و الغريب في الأمر أن من دشن خوصصة هذا القطاع وزير من حزب اشتراكي محض (حزب التقدم و الاشتراكية) في ظل حكومة تدعي أنها إسلامية و حاشا أن يكون للظلم مكان في الإسلام.
أيها الشعب المغربي انك من صوت على الدستور الجديد، دستور العهد الجديد الذي يقر الالتزام بتكافؤ الفرص بين كل المغاربة، لذا وجب عليك الدفاع عنه حتى يتجسد كاملا مكتملا.
فهناك مجموعة من الشروط المتوفرة في الممرضين مجازي الدولة و لا تتوفر في التقنيين الخواص.
أولا: كل طلاب المعاهد العمومية حصلوا على الباكالوريا، في حين أن مدارس التكوين الخاصة يلتحق بها حتى غير الحاصلين على هذه الشهادة.
ثانيا: كل طلاب المعاهد العمومية حصلوا على ميزة حسن فما فوق في جل الشعب و مستحسن على الأقل في الشعب الأخرى، و بباكالوريا علمية في اغلبها.في حين أن المعاهد الخاصة تقبل أي شهادة باكالوريا في أي شعبة أو حتى بدونها.
ثالثا: كل طلاب المعاهد العمومية نجحوا في الانتقاء الأولي وفقا لمعدلاتهم العالية كما اجتازوا مباراة كتابية و بعدها شفوية ليلتحقوا بعدها بالمعاهد.في حين إن تقنيي المدارس الخاصة للتكوين ملزمون فقط بواجب شهري يضمن لهم الدبلوم.
رابعا: طلاب المعاهد العمومية ملزمون بالحضور اليومي و المداومات الليلية ليتوج هذا بمباراة أخرى نهاية كل سنة للانتقال من مستوى لآخر، و كثير من لا يحالفهم الحظ للنجاح. في حين لم نسمع قط برسوب تلميذ في المعاهد الخاصة.
خامسا: مع نهاية السنة الختامية في المعاهد العمومية تجتاز مباراة وطنية بكل المعاهد تنظمها وزارة الصحة و تخول كل الناجحين الحصول على دبلوم ممرض مجاز دولة. و تلاميذ المدارس الخاصة لا يجتازون مباراة مماثلة.
سادسا: النجاح في الدراسة بالمعاهد العمومية يكلل بدبلوم دولة يحمل التوقيع الشخصي للمسؤول الأول في القطاع الذي هو وزير الصحة. بالمقابل دبلومات التقنيين الخواص تحمل توقيع أي مواطن كيفما كان بمقدوره تمويل مدرسة تكوين خاصة و إن لم ينتم لقطاع الصحة أصلا.
سابعا: معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي تابعة للتعليم العالي و تكوين الأطر أما مدارس التكوين الخاصة تابعة للتكوين المهني. فهل التعليم العالي هو التكوين المهني ؟؟؟؟؟؟
ثامنا: طلاب معاهد تأهيل الأطر بالميدان الصحي ملزمون قانونيا بدراسة 3 سنوات كاملة في مقررات تشرف عليها الوزارة رسميا في حين أن دراسة 3 سنوات بالمدارس الخاصة تحايل على القانون، لان التكوين المهني ملزم بمنح شهادة تقني متخصص في عامين فقط، كما أن وزارة الصحة لا تشرف عليهم نهائيا.
عذرا إخواننا التقنيين فلم نكن ضد تشغيلكم يوما لكن القانون فوق الجميع و مبدأ تكافؤ الفرص يكمن كليا في أن مباراة ولوج معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي لا تستثني مغربيا توفرت فيه الشروط المحددة.
فبالله عليكم يا وزراءنا و مسؤولينا أين تكافؤ الفرص في كل ما سرد. فطبقا لمبررات الوزير فحتى المعطلون المرابطون أمام البرلمان لتدهس ضلوعهم بهراوات القوات العمومية مغاربة كذلك و درسوا 3 سنين أو أكثر، و حتى هوما وليداتنا فلما لا تدعوهم للمشاركة في المباراة.
كون تحشم ا سي الوردي و أيها المغاربة كما كنتم ملزمين بالتصويت على الدستور فانتم اليوم مطالبون بالدفاع عنه كما يجب. إن الشرعية الدستورية و القانونية هي أغلى ما نملك في هذا الوطن.
أذكر في الأخير أننا لسنا ضد إدماج التقنيين الخواص فالشغل حقهم، و لكننا رافضين رفضا تاما معادلة دبلوماتهم كتقنيين متخصصين بدبلومات الممرضين مجازي الدولة كأطر عليا، كما نرفض إدماجهم قبل أن تشرف عليهم وزارة الصحة رسميا و ذلك حفاظا على صحة المواطن المغربي و حقه في تلقي خدمة صحية على يد إطار كفء. فليس التشغيل و حسب مطلبنا بل الحفاظ على كرامة و مكانة مهنتنا الشريفة باعتبارها أنبل المهن في العالم الغربي المتقدم و العارف بحق كرامة المواطن.
فإذا ما تم تمرير هذه المهزلة و انتهاك الدستور بهذا الشكل فإننا سنعلم بحق أي نوع من القوانين و حقوق الإنسان تحترم في المغرب.
أيها المواطنون إن سمعتم أن الممرضين نسفوا المباراة فذلك لم يكن لأجل الخبز أو الشغل إنما دفاعا عن الكرامة و القانون و الدستور و الوطن.
فمهما صنع المفسدون لن نقول إلا لبيك يا وطن.
تحرير : عبد الله ميروش ممرض في التخدير و الإنعاش معطل
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.