رسالة مفتوحة إلى السيد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: المخزن هو المحتاج إلى الأمازيغ وليس العكس فلما الخوف من المعنى ؟
…تافراوف 7 غشت 2015 – ريناس بوحمدي…
السيد العميد المحترم : أنتم كأحمد بوكوس بالنسبة للذين لا يعرفونكم أكاديمي وفاعل مدني وثقافي في المشهد الأمازيغي المغاربي ، لكم وضع اعتباري أرسيتموه بإسهامكم في الدرس الجامعي وتطوير الخطاب حول القضية الأمازيغية كما أغنيتم المكتبة الأمازيغية بالكتاب الثقافي والجامعي إضافة إلى تأطيركم لندوات وطنية ودولية ؛ وأنا ومعي كل مناضلي الحركة الأمازيغية نصون لكم هذا الدور ونثمنه ونعتز به . بيد أن وضعكم كعميد لمؤسسة رسمية ، من حق كل طرف في الحركة الأمازيغية أن يتموقف منها حسب قناعاته سواء بالقبول أو بالرفض ، لا يسمح لكم بتقديم الذات من خلال صورة قديس خانه أتباعه واضعا رصيدكم من النضال الممتد على أربعة عقود مقابل ما انتهت إليه الرؤية الإستراتيجية للمجلس الأعلى للتعليم بالنسبة للغة الأمازيغية لغة الأرض والإنسان ، مخاطبا الحضور في ندوة بتافراوت مؤخرا مستعيرين عبارة التونسي لحظة فرار الدكتاتور بن علي ” هرمنا من أجل هذه اللحظة ” ؛ تعبيرا على ما حققتموه داخل م. أ. ت ولا يسعني غير ضرب كف بكف صارخا وابوكوساه ضيعناه وأضاعنا !. سيدي العميد قد أتيحت لكم الفرصة لتلجوا التاريخ من بابه الواسع لو انتفضتم وانسحبتم من ذاك المجلس وتركت لهم الجمل بما حمل ؛ ما تظنون أنهم فاعلون أمام هكذا موقف وأنتم أعلم أن مكوناته لا تغدو أن تكون ذات عقائد الطاعات ، يرعبهم ما تملكونه من قيم الأمازيغية حيث الإنسان هو المقصود من الوجود على حد تعبير ابن عربي ، غير الرضوخ ؛ لأن الأمازيغية أكبر من كل التوافقات وأنتم أدرى أن النظام هو المحتاج إليها وليس العكس ، بما هي نهر هادر منبعه باد للعيان وإلى مصبه سائر وكل نظام في مجراه لا يجدف حسب إرادتها فله جارف قصر الزمن أم طال . لا تتسرعوا برميي بالطوباوية إن كنتم رحيما بي أو بالهبل إن تعاليتم ، فالأمازيغية بدونكم في الميثاق الوطني خادمة للعربية فماذا أضفتم لها بتواجدكم داخل ذلك المجلس غير ارتفاق للعربية حتى ترسخ أعطابها الهجائية ، ما دام دستورية الأمازيغية يفرض إجباريتها في التعليم ؟ ما ذنب الأمازيغية إن كان خطها أطوع وأسهل في التعلم من الخط الأرامي ؟ ما نفعل بتعقيدات قواعد اللغة العربية وعدم تداولها المجتمعي ؟ أتنتظر لغتنا إلى أن لا يتيه المتعلم بين المفعولين به وفيه والفاعل الذي يظهر ويختفي في نفس الجملة كثعلب زفزاف ؟ أليس الإنسان هو المركز والمعني بالتنمية ؟ وفي التاريخ العبرة لمن يريد الاعتبار ، فالتاريخ ليس أخبارا وأحداثا انتهت بل أبعد من ذلك ، من يتملكه يمتلك المستقبل . فطرح ابن عربي(1164-1240م) هو عمل نظري وامتداد للفلسفة القانونية التي يستمد منها المجتمع الأمازيغي ما أصطلح عليه بالأعراف الأمازيغية ، وهو ضمن تصور فكري شامل واجه فيه معالم حقبة كاملة. فهو يميز بين قوانين الطبيعة ومنظِمات حركة الإنسان انتصارا لفكرة الإرادة البشرية والإنسان الفاعل والمنفعل في طبيعة لها قوانينها ونواميسها. ويؤكد على وحدة الوجود للتأكيد على فكرة الخير الأسمى والعدل الذي يتجاوز الملة والطائفة. وعبر هذه الوحدة حارب خطاب الفرقة الناجية وتكفير الآخر بحظوظ النفس المشركة التي لا تختلف عن حظوظ النفس المؤمنة مؤكدا “إياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه”. ورفض أشكال التمييز بين البشر في المعتقد أو الجنس باعتبار الكمال الإنساني يقابل “الإنسان الحيوان” الذي يحمل فيما يحمل عاهات التفريق بين البشر . لذا الأمازيغية فيما هي ثقافة وعبقريتها تتجلى في رفضها الطاعة لأنها لا تشكل منهج حياة دون أن يكون موضوعها ترسيخ عبودية الإنسان للإنسان المغلفة بمفهوم الحاكمية الإلهية. والحديث عن الطاعة يقودنا دائما إلى “الطاعة المشروطة على الأرقاء والعبيد في حق سادتهم (عبودية بشر لبشر)، الطاعة المفروضة على المكلفين لله ورسوله (الطاعة الطقوسية والمعاشية)، الطاعة المشروطة في حق الخلق لقيام شوكة السلطان (الطاعة للمستبد العادل أو الجائر) والطاعة المفروضة في حق الزوجة لبعلها (الطاعة الاجتماعية داخل الهرم العائلي”.
نعم سيدي العميد ، بعد موت ابن عربي بسنة تعرض شمال إفريقيا والمغرب ضمنه للغزو العربي الثاني من طرف جحافل بني هلال وبني سليم أجمع المؤرخون أن هذا الغزو أرجع المغرب القهقرى وأدخله في سبات عميق ؛ في وإثر هذا الغزو تأسست دولة المرينيين التي تحاول الأجهزة الإيديولوجية التركيز على أمازيغيتها لكن ألقاب سلاطينها وقرارهم بمنع الأمازيغية في المنابر الرسمية بما فيها الأذان وخطب الجمعة يفضح أكاذيبهم . في هذه المرحلة أضاع المغرب موعده مع التاريخ ، لم يفقد الأندلس فقط بل نصيبه من أمريكا والآن مقعده ضمن الدول المتقدمة ؛ وهو ما تساهمون في إعادته الآن بقبولكم لشروط ذوي عقائد الطاعات بالمجلس الأعلى بشأن الأمازيغية التي ليست لغة للتواصل فقط ، بل أبعد من ذلك نمط حياة يخترق التفاصيل ويعيد بناء الفكر والسلوك فيما يعيد ترتيب علاقة الفرد بذاته وبغيره ، نمط يعول على تجديد أدواته والوفاء لمنطقه ، لا بإدماجه الحداثة في تفاصيل الحياة فقط ، وإنما أيضا ، بتمكين الحداثة من توجيه الرؤية إلى الأشياء وتقويمها . الخطورة لدى كل الذين يغلفون عداوتهم للأمازيغية بالتسويف والتدرج ما إلى ذلك من الأباطيل ليست في تدريس الأمازيغية كلغة بل في تكريس الأمازيغية بما هي قيمة . سيدي العميد ، أعتقد أنه مازالت أمامكم فرصة لتسجيل اسمكم بمداد من ذهب ، فلا يغرنكم من وسوس لكم بإمكانية رئاسة المجلس الوطني للغات وأنتم أدرى أن المخزن لن يغفر لكم طريقة جلوسكم حين تعيينكم كعميد ولكم أن ترجعوا إلى صحيفة أحد أبواقه معلقا ” ما هكذا يجالس الملوك ” ولن يغفر جرأة المستقيلين من المجلس الإداري ، وكذا جرأتكم برفع مطلب الدسترة قبل أن يعرف المغرب أي حراك ؛ إنهم يدفعون بكم إلى أن يلفظ معهدكم أنفاسه بين يديكم ويرمى بكم جانبا ، فالبنان تشير إلى أن من سيترأس هذا المجلس ، قد ذهبوا به إلى قطر وما أدراك ما قطر ( بأموالها تحارب الأمازيغية في عقر دارها وهي تمر في حسابات المدعو البوشيخي الحاضن وممول جمعية الدفاع عن اللغة العربية ، وكل من يعادي الأمازيغية وكنتم قد ابتليتم بأحد أزلامه في فترة ما والدكتور عبد السلام خلفي له من المعطيات ما يفيدكم أكثر ) وهو الآن بالسوربون يتم تكوينه على كيفية إفشال أي نهوض باللغات الوطنية لتبقى الفرنسية هي السيدة بعدما فقدت مكانتها في أوروبا ؛ وأزيدكم أن المعني بالأمر سبق له أن أشرف على أكاديمية التعليم بجهة سوس ماسة درعة . أستسمحكم سيدي العميد عن الإطالة ولكن للضرورة أحكام ، وفي الجعبة ما لا تسمح الظروف بنشره أمام الملأ وآمل أن تصلكم رسالتي هذه فاتحة لكم الباب على عدة أسئلة على ضوءها تقررون ، وتذكروا يوم تهنئتكم بحصولكم على الدكتورة فعلقتم قائلين أن الدكتورة الحقيقية هي الدكتورة في الطب ، فأنتم الآن طبيبا أمام جسم هو الأمازيغية فلكم التشخيص ولنا التداوي والإعتناء. والسلام .
التعليقات مغلقة.