الأمازيغية لغة مثنية البنيان، متأصلة الجذور في تاريخ الأمم والشعوب، عاصرت لغات، وعايشت أخرى، وانقرضت هذه اللغات، وبقيت شامخة شموخ جبال تمارغا، مما يجعلها غير محتاجة إلى من يدافع عنها
وقد دفعت الغيرة عليها بعض بنيها، إلى سلوك سبل مختلفة متفاوتة، منها العصبية العمياء، ومنها المتطرفة، ومنها المعتدل. هدفها كلها رفع التهميش عنها، وإيلائها المكانة التي تستحقها، وتمتيعها بحقوقها كاملة مصونة
وحتى نصل إلى تحقيق هذه الأهداف، كان الأجدر بنا كبنيها، او الناطقين بها، أو محبيها، أن نسلك طريقا واضح الأهداف والغايات، بعيدا عن التعصب الأعمى، وخلق معارك جانبية تعيق تقدمها، وتخلق لها أعداء بالمجان
فبقاء اللغة الأمازيغية اللسان اليومي لملايين البشر إلى اليوم سر وجودها الذي لم تستطع القوى المتكالبة على تمارغا القضاء عليه، وبث مكانها لغات الغاصبين رغم قوتهم وجبروتهم
وكونها أنشودة العذارى في ساحات أحواش وأحيدوس، وبين جبال وجمال بلادنا، تعني أنها حية نشيطة
ما على أراو نتماز يغت إلا البحث عن جواهرها الغنية الكثيرة، شعرا وقصة وغناء وأبحاثا، والسمو بها عالية في عالم التكنولوجيا والرقمنة، واعتبار الجميع أصدقاء الأمازيغية إلا أن يثبت العكس،
إن الأمازيغية لا تحتاج إلى ندوات ومؤتمرات ومعسكرات للدفاع عنها، لأنها هي السائدة والسيدة في تمارغا، تنطق، وتنشد، ويتحاور بها السواد الأعظم من الساكنة
إنما تحتاج إلى دراسات وأبحاث واستكشافات لدررها الثمينة
ابتعدوا عن الجدال العقيم، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وتعاملوا مع جميع اللغات كأنها لغات إنسانية، لا لغة قوم او دول، وتعلموها، وانفتحوا عليها تساعدكم في السمو بتمازيغت، وإشعاعها في العالم، فكل لسان في الحقيقة إنسان
هناك عاملان يعرقلان السير الطبيعي للغة الأمازيغية هما :
العصبية العمياء
الاستلاب العقيم
في الأول نصادف متعصبين متطرفين من الناطقين بالأمازيغية، يرون أن العربية والإسلام هما عدو الأمازيغية، وسبب تأخرها وإقصائها، لذا فهم يحاربون كل ما له علاقة بهما، فيدخلون في متاهة جدل عقيم لن يمحو لا العربية ولا الإسلام، وإنما يخلق أعداء، ويعرقل مسيرة الأمازيغية، ويهدر الوقت.
ونجد متطرفين من الجانب الآخر، يعادون الأمازيغية، ويرون في تطورها وتطويرها خطرا على وجودهم وعلى الإسلام وإن كانوا ملاحدة، وهدفهم إماتة الأمازيغية، وإجهاض عمليات الاهتمام بها خصوصا في ميدان التدريس،
وأما أصحاب الاستيلاب العقيم فهم أمازيغ ينظرون إلى لغتهم الأم نظرة نقص إن لم أقل احتقار، ويشعرون بالخجل للانتماء إليها، ويتجاهلونها، ويقبلون على غيرها ظنا منهم أن ذلك سيرقيهم في أعين الآخرين، في حين أنهم المفلسون، لا قيمة لهم عند الآخرين، وهم محتقرون من بني جلدتهم
رد الاعتبار للأمازيغية لا يتطلب حروبا ومعارك، ولا خلق أعداء، ولا هدر طاقات ووقت، فقط توحيد الصف، و رسم الأهداف بدقة وتوجيه كل الاهتمام إلى تحقيق الأهداف المرسومة، والتي ينبغي التركيز فيها على الجانب الثقافي واللغوي و الهوياتي بعيدا عن تقديس العرق و التعصب، لأن في ذلك هدرا للزمن وللجهود المبذولة
- ورزازات: مولاي عبد السلام صرصاري
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.