لاحظ المجلس الأعلى للحسابات أن استراتيجية وزارة الثقافة والشباب والتواصل المتعلقة بدعم المشاريع الفنية والثقافية، ترتكز في الغالب على الوسائل بدلا من النتائج، وعلى هاجس استهلاك الإعانات الممنوحة وتحقيق أهداف كمية دون التركيز على الأهداف المتعلقة بإرساء أسس الصناعة الثقافية والإبداعية.
وأورد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره لسنة 2021 والذي أصدره الثلاثاء 7 مارس 2023، أن مبالغ الدعم المخصص للمشاريع الفنية والثقافية بلغ 245,80 مليون درهم، منحت لأكثر من 6400 مشروعا خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2021.
أوصى المجلس بإعداد استراتيجية ثقافية مندمجة تحدد الرؤية والأهداف والتوجهات الكبرى للعمل الثقافي على المستوى الوطني، وكذا المجالات الاستراتجية ذات الأولوية والسهر على وضع آليات محكمة، لضمان التقائية وتنسيق مختلف تدخالت الفاعلين الرئيسيين في العمل الثقافي والاستعمال المشترك للموارد المالية والبشرية.
وسجل المجلس غياب إطار رسمي لتقييم أثر الإعانات الممنوحة على ازدهار الصناعات الإبداعية والثقافية بالمغرب، حيث إن الوزارة لا تتوفر على بيانات إحصائية موضوعية لإجراء عمليات التقييم.
كما ذكر أن استعمال الدعم العمومي في المجال الثقافي تشوبه بعض النقائص، لا سيما على مستوى استرجاع المبالغ غير المستعملة أو غير المستحقة.
وهنا أورد تقرير المجلس أن عدد عدد المشاريع الفنية والثقافية المستفيدة من الدعم، والتي لم يتم تنفيذها خلال الفترة 2016- 2019 بلغت ما مجموعه 170 مشروعا، فيما بلغ مجموع مبالغ الدعم المسترجعة إلى غاية متم 2021، حوالي 236.000 درهم، أي ما يعادل 7 في المئة فقط من مجموع المبالغ غير المستحقة الواجب إرجاعها إلى خزينة الدولة، علما أن 90 في المئة من المبالغ المسترجعة تم استخلاصها خلال سنة 2021.
ولهذا أوصى بالسهر على وضع استراتيجية للدعم، ترتكز على النتائج عوض الوسائل وعلى تقييم أثر دعم المشاريع الفنية والثقافية على تطور الصناعة الإبداعية والثقافية، وذلك استنادا إلى مؤشرات كمية ونوعية واضحة وقابلة للقياس. كما أوصى بتفعيل مسطرة استرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة، أو تلك التي لم يحترم المستفيدون منها التزاماتهم التعاقدية.
وأفاد المجلس بأن القطاع الثقافي يعتبر مجالا خصبا لخلق القيمة والثروة، ورافعة لتنمية الاقتصاد الاجتماعي وإحداث فرص الشغل وتعزيز التنمية البشرية، مضيفا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل فرصة لجذب المستثمرين الخواص للاستثمار في البنى التحتية الثقافية وإدارتها، وبالتالي تخفيف العبء على ميزانية الدولة وتحسين الظروف التقنية والاقتصادية والمالية لتسيير هذه المنشآت.
وفي هذا السياق، سجل المجلس بأن هذا النوع من الشراكة لا يزال محدودا، وهو ما يقتضي دراسة سبل اعتماد أساليب مبتكرة من طرف الوزارة لتمويل وإدارة العمل الثقافي تأخذ بعين الاعتبار خصائص هذا القطاع ونجاعة وفعالية الدعم العمومي الممنوح لهذه الغاية.
وفي هذا الإطار، أفادت الوزارة المكلفة بالثقافة والشباب، أنها اشتغلت بشكل منهجي على بلورة العناصر البارزة وإعداد مقترحات ووثائق ودلائل لرؤية وطنية للمغرب الثقافي، مضيفة أن الوصول إلى التقائية وتكامل التدابير المعتمدة في القطاع الثقافي من طرف مختلف القطاعات الوزارية ومختلف الهيئات العمومية سيتم، حسب الوزارة، من خلال إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، كمؤسسة مرجعية واستشارية منوط بها اقتراح استراتيجية وطنية في هذا المجال، تساهم في جعل الثقافة رافعة حقيقية للتنمية وعنصرا فعالا في مشروع الحداثة والتقدم.
كما وأوضحت أن المؤسسات الثقافية التابعة للقطاع تعرف مجموعة من الإكراهات والنقائص المتعلقة بمحدودية الموارد البشرية العاملة بهذه الفضاءات والاعتمادات المالية المخصصة لتسييرها، والتي تؤثر سلبا على ممارستها للمهام المنوطة بها للنهوض بالأعمال والإبداعات الفنية والأدبية في ميادين المسرح والكتاب والفنون التشكيلية، والقراءة العمومية وتنشيط الفضاءات الثقافية. إضافة إلى أن الواقع لم يفرز بعد شركاء خواص يتوفرون على الشروط اللازمة لإنجاح هذا النوع من الشراكة، وخاصة فيما يتعلق بقدرتهم على توفير الموارد المالية خارج الإعانات المالية الممنوحة من طرف الدولة والموارد البشرية المختصة في ميدان الوساطة الثقافية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.