حكام الجزائر – وبكل افتخار – صامدون لحظة الإنهيار..

“إن الدولة الإسبانية تعترف بمغربية الصحراء و تدعّم بشكل صريح مقترح الحكم الذاتي.” هكذا خرجت من فم بيدرو سانشيز بشكل رسمي بالبرلمان الإسباني قبل يومين..ووصلت بشكل سريع إلى آذان كهنة معبد المرادية هناك بالجزائر وصفعت في الطريق وجه الجنيرال شنقريحة العائد تواً من المناورة العسكرية الأخيرة بتيندوف تحت شعار الصمود.

لينهار بعد سماعه لهذا الموقف الواضح والجلي وخاصة كلمة الدولة الإسبانية.. لتذهب كل رهاناتهم بإحداث شرخ وسط الرأي السياسي العام داخل إسبانيا.. وتذهب كل الإغراءات والامتيازات التي وزعت على بعض الأحزاب اليمينية هناك.. إلى جانب استمالة بعض الصحف والاقلام وغيرها.

كل ذلك سقط اليوم بعد أن اعتبر بأن الموقف الإسباني موقف دولة.. وليس حكومة..

هي نهاية الوهم.. تعامل معه النظام العسكري برد فعل يكرس هويته الحقيقية كنظام عدائي بامتياز ومهدّد للمنطقة والمحيط..

بعد ساعتين فقط من إعلان هذا الموقف الإسباني الايجابي صدر عن الرئاسة الجزائرية تعليق التعامل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا..

كان السقف الزمني ل ( مناورة الصمود) قرب حدودنا بقيادة شنقريحة لا يتعّدّى 18 ساعة لينهار أمام التحذير شديد اللهجة الصادر عن الاتحاد الأوروبي ويضع حدّاً لهذه العنجهية الجزائرية ضد إسبانيا…

18 ساعة بين الصمود والصعود نحو الإنبطاح جعلت الخبراء وفقهاء التحليل السياسي والنخب الأكاديمية عاجزون عن فهم المنطق السياسي الذي تدار به الجزائر في علاقاتها الخارجية و الداخلية.. حتّى ان المشهد الدولي..

يدأ يقتنع أكثر فأكثر بكون هذا البلد الجار من خلال هذه القرارات المتسرعة والمتناقضة أيضاً كدولة قراصنة بامتياز بدليل هذه المعاهدة نفسها.. التي تحمل عنوان واحداً ( نكاية في المغرب).

هي الجملة المفتاح في تعليقها اليوم.. كما في توقيعها قبل 20 سنة والتي أبرمها الإسبان مع نظام “عبد العزيز بوتفليقة” بشكل سري في أكتوبر سنة 2002، و لم تظهر إلى الوجود إلا أواخر سنة 2010 في الإعلام الإسباني، ولا يزال جزء كبير من بنودها سري إلى اليوم، لأنها وقعت بعد أن حصل الإسبان على الدعم الجزائري في أزمة “صخرة ليلى”.

هو اتفاق بين اليمين الإسباني آنذاك ونظام العصابة بقيادة بوتفليقة تحت غطاء الصداقة و حسن الجوار، لكنها في الأصل انتزاع وعد جزائري للحكومات الإسبانية المتلاحقة بدعمها و مساندتها في كل الخلافات مع المغرب..

والآخطر ما فيها هو ما جاء في بيان وزارة خارجية العصابة اليوم الأحد هذه الفقرة بالضبط التي تفضح بشكل مباشر بعض أسرار هذه المعاهدة..

(.. ان تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع اسبانيا يستجيب لاعتبارات مشروعة, لأن الطرف الإسباني تخلى عن الالتزامات والقيم الأساسية المنصوص عليها في المعاهدة.)

فالعصابة تحمّل الطرف مسؤولية التخلّي عن الالتزامات والقيم المنصوص عليها في المعاهدة وإذا ربطنا اسباب تجميد هذه المعاهدة بسبب موقفها المؤيد لمغربية الصحراء نستتنتج بأن ما تفق عليه بين الطرفين هو تبادل دعم بوتفليقة لأسبنة المدينتين المغربيتين وبقية الجزر مقابل دعم إسبانيا للحركة الانفصالية بالصحراء المغربية..

هذا هو المسكوت عنه.. ونستحضر خلال أزمتنا مع إسبانيا وحصار المدينتين كيف أن العصابة اقترحت فتح بحري نحو مليلية.. وكيف ان الوزير الجزائري بوقادوم صرح خلال ندوة صحفية معد”لايا غونزاليس”
( أن الوزيرة الإسبانية لا يمكنها فقط الحديث باسم وزير خارجية الجزائر، بل يمكنها الحديث باسم الجزائر كاملة).. وفي نفس السياقديستبعد أن يكون استقبال بن بطوش مؤطر ضمن هذه المعاهدة..

دروس التاريخ مدهشة لكنها موجعة أيضاً لهذه العصابة التي تكرر نفس الأخطاء بنفس الغباء والبلادة.. فخلال عشرين سنة كانت محطّة ابتزاز واستغلال بشع من طرف إسبانيا كناية في المغرب..

هي نفس المدّة كنّا هنا في بلدنا نستثمر كل إمكانياتنا الذاتية وقدراتنا البشرية وعلى جميع الاصعدة والمستويات وفي صمت رهيب وهادئ من أجل أن نقول وبصوت مسموع..

مغرب اليوم ليس مغرب لحظة توقيع المعاهدة قبل 20 سنة..

هو الجواب الوحيد على فشل العصابة..
أمّا المغرب فقد تجاوز أفقه الإقليمي نحو فضاء أوسع وأكثر استشرافأ لمستقبل القارة والعالم ونحن نتحدّث عن إفريقيا الأطلسية من ( كاب سبارطيل إلى رأس الرجاء الصالح) كما جاء في كلمة السيد بوريطة أثناء افتتاح المجلس الوزاري لدول المحيط الأطلسي بالرباط قبل يومين..

مضيفاً بأن الدول الإفريقية الـ 23 المطلة على المحيط الأطلسي تمثل 46 في المائة من سكان إفريقيا، وتتمركز فيها 55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي، واقتصاداته تحقق 57 في المائة من التجارة القارية.
هي الرباط التي لم تعد عاصمة الثقافة الأفريقية هذه السنة بل والعاصمة الأطلسية.

بتأسيس ومأسسة هذا الفضاء (الأفرو – أطلسي)
هو الجواب الجغرافي الذكيّ في وأد كل طموحات هواري بومدين وبامتداداته نحو جزائر أطلسية..

هي حلبة جديدة للتدافع والتسابق نحو خيرات شعوب المنطقة .. بدءا من المغرب كصلة وصل بين أوروبا مرورا بميناء الداخلة نحو راس الرجاء الصالح بتزكية من جنوب أفريقيا الذي كان وزيرها حاضراً في الاجتماع الوزاري الأخير..

هو الفرق بين بلد يعرف كيف يصنع الأصدقاء بتقاسم المنافع والخيرات..وبين بلد تقوده عصابة نحو العزلة والانهيار

انتهى الكلام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد