حسن الوردي الفنان العازف الطموح يعزز الساحة الفنية الأمازيغية

بقلم : محمد بسطام

 إن الفن الإبداعي الموسيقي لصيق بالحياة والهموم اليومية للإنسان منذ وجوده على الأرض، إذ عن طريقه وبواسطته عبر ويعبر عما يجيش في كيانه وعبر عن وجوده الكينوني الهوياتي عبر السنين والأحقاب والقرون، بدءا بمحاكاة الطبيعة وتقليد ما يصدر عن مكوناتها من أصوات وانتهاء بصناعة ودراسة الآلات والتفنن في استخراج الأنغام منها، والموسيقى بهذا المعنى هي فنون العزف وصياغة وتنظيم وتأليف وتوزيع الألحان والتطريب بها، والفنان العازف هو من له القدرة الروحية والمهارية على الإبداع وإثارة عاطفة الجمال لدى الإنسان المتلقي، أي يمتلك البراعة في أفانين العزف والتطريب.  

   فالفنان الأمازيغي حسن الوردي يملك من المواصفات والقدرات الفنية الإبداعية ما يؤهله ليشرئب ويطمح ليثبت ذاته في الساحة الفنية الأمازيغية، بنفس المكانة التي يحظى بها البارع في العزف والتلحين والإنتاج الموسيقي سيما وأنه يجمع بين الموهبة الموسيقية  بإتقانه العزف على كل الآلات الوترية بما فيها الرباب الأمازيغي، وبين المعرفة والدراسات الأكاديمية الجامعية في الأدب والتربية والموسيقى والترجمة، أي أننا أمام فنان مثقف يستطيع أن يقدم إضافات نوعية للفن الموسيقي الغنائي الأمازيغي باعتباره أيضا من المستفيدين من تجربة أقطاب مجموعة إزنزارن، فمن هو الفنان حسن الوردي؟

  ولد الفنان حسن الوردي بمدينة أكلميم سنة: 1970، وبها تربى وترعرع إلى أن حصل على شهادة الباكلوريا، ليلتحق بكلية الآداب بجامعة ابن زهر بأكادير، ثم ليتمم دراسته الجامعية ببلاد المهجر بحصوله على إجازتين :  في الأدب الانجليزي سنة 1992 بفرنسا، وفي الأدب الفرنسي سنة  1997 بهولندا، ثم دبلوم في الترجمة : العربية الفرنسية  والهولندية بهولندا، واشتغل أستاذا للغة الفرنسية بهولندا خمس سنوات، ثم التحق بعد ذلك بمؤسسة  دولية خاصة بالتوجيه الدراسي والتربوي.

  كان حسن الوردي مهووسا بالعزف والفن الموسيقي منذ صباه، ولما لم يجد ما يشفي غليله في المقررات الدراسية، أو مؤسسة تحتضن وتصقل موهبته المبكرة، التجأ كغيره من الفنانين الأمازيغ إلى الاعتماد على ذاته في تقليد صناعة آلاته من الأدوات البسيطة، ومنها تعلم ذاتيا مبادئ العزف لتتفتق موهبته متأثرا بفني : تيرويسا و تازنزارت، وقد شجعه التقاءه بعميد مجموعة إزنزارن المايسترو عبد الهادي إيكوت عدة مرات قبل أن يبتلعه عالم الهجرة ليعيش وضعا آخر تلقى من خلاله التربية على الصمود ومواجهة الصعاب والاعتماد على الذات.

التحق بمجموعة إزنزارن، وشارك معها في عدة مهرجانات من بينها مهرجان: موازين بالرباط سنة : 2013، فاستفاد من هذه المدرسة المحدثة لفن تازنزارت، ومن رائديها: مولاي إبراهيم الطالبي و إيكوت عبد الهادي،وهو يتقن العزف  على آلات  البانجو،  القيثارة،  العود،  البوزق،   الكمان، الرباب “أمزاض”،  السنتير، ويضبط إيقاع الدف  والطامطام، وقد صقل موهبته، باطلاعه على عدة تجارب وطنية ودولية، وساعده في ذلك إتقانه للغات: العربية والفرنسية والإنجليزية والهولندية، إلى جانب لغته الأم الأمازيغية، بالإضافة لانفتاحه على الثقافة الحسانية الصحراوية…

   في أواخر سنة 2017 أسس رفقة مجموعة من الشباب الطموح تجربة شبابية في فن تازنزارت بقراءة أخرى، يؤطرها الفنان المقتدر الذي يعرف بالحكيم: مولاي إبراهيم الطالبي، أحد الأعمدة الثلاث الذين أخرجوا تازنزارت من العدم إلى الوجود في الساحة الفنية، يتعلق الأمر بمجموعة: إزنزارن ـ تينمل، التي يلعب فيها الفنان حسن الوردي

دورا أساسيا، فهو عازف لآلات وترية و ملحن وموزع… وله تجارب سابقة ضمن  مجموعتي: إيمودال و الأنوار، وله إلمام وهوس كبيرين بفن :تيرويسا، ويقوم حاليا بإعادة غناء إنتاجات الروايس الخالدة مثل سعيد أشتوك …، طموحه كبير في الدفع بالإبداع الأمازيغي نحو مدارج العالمية، من خلال تازنزارت  بصيغة متجددة.

   وهذا الطموح كله الذي ينضح به الفنان حسن الوردي المتسم بالتواضع إلى درجة الخجل، ألا يستحق التشجيع؟ إلى متى ستظل الطاقات والكفاءات ببلادنا تحت وطأة الجحود والتجاهل والنسيان؟

     لقد غادر وظيفته كأستاذ، وترك ما يمكن أن يحققه، بمؤهلاته العلمية والتربوية والبيداغوجية، من مجد يحلم به كل مغترب في بلاد المهجر، فعاد إلى بلده وإلى مسقط رأسه، ليعانق الآلات الوترية مستخرجا منها أنغاما موسيقية تراثية مستنطقا روائع تيرويسا  و تازنزارت بإضافات ورتوشات يمكن أن نسميها ” الورديات” أو : Timitar n wardi hassan، لقد اختار هذا الطريق الصعب لا لشيء إلا ليطربنا، ويقدم إضافات تغني تراثنا اللامادي الذي تتسم به حضارتنا، فهل نستيقظ من غفلة التهييج وننخرط فيما يتوافق وشخصيتنا؟

بقلم : محمد بسطام


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading