ثمرة تيكيدا (الخروب) خيط أمل رفيع تتشبث به نساء جبال ادوتنان عند مطلع كل صيف، يجتمع نساء ورجال ايموزار بجبال اداوتنان بإقليم أكادير في شكل مجموعات تنطلق من الدواوير المترامية الأطراف نحو الغابات المحيطة لقطف ثمار أو قرون شجرة الخروب المعروفة محليا بإسم (تيكيدا). فيبيعون ما جنوه من ثمار بسوق إيموزار الأسبوعي الذي يتحول في موسم تيكيدا إلى سوق يومي نظرا لكثرة شاحنات تجار سوق إنزكان الكبير، إلا أنه يسجل تناقص ملحوظ في أشجار الخروب نتيجة الرعي الجائر والحرائق إضافة إلى بعض الأمراض التي صرحت بها المندوبية السامية للمياه والغابات كتعفن الجدور وكذا الإستغلال المفرط من وسطاء الخروب الذين يبيعونه لمصانع الشكلاطة ولمختبرات التجميل و سماسرة بيع الحطب الذين يقطعون الجذور الحية فيتسببون في قتلها قبل أوان موتها.
تمتد أشجار الخروب على طول غابات اداوتنان وصولا إلى جبال قبائل إحاحان إذ يكشف الدكتور<محمد الفايد>الأستاذ الباحث في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط أن شجرة الخروب(تيكيدا)تمتاز باستدامة خضرتها وطولها الفارع وإرتفاعها الذي يتراوح ما بين 15 و17 مترا كما يؤكد على أن الخروب تتميز بقدرتها على تحمل الجفاف والبرد وكذا الرياح القوية كما أنها متواضعة في احتياجاتها للنمو والإثمار
وتتميز ثمارها التي عبارة عن قرون بمذاق حلو إذ لا يكاد جيب كل طفل وشابة يخلو من قرون الخروب إبان موسم القطف ويبقى المغرب حسب الأستاذ محمد من المنتجين الكبار لهذه الشجرة مقارنة مع تركيا واليونان وإيطاليا وحيث لثماره جاذبية بنية ذوقية لا تقاوم فهي تحتوي على 9,8 من الكربوهدرات والألياف الخشبية التي تتدخل في التغدية وتتوفر أيضا على 900 ملغرام من البوتاسيوم و300 ملغرام من الكالسيوم علاوة عن احتوائها على نسبة عالية من السكر والبروتين والفيتامينات المهمة للجسم كما للخروب عدة استعمالات وفوائد سواء طبية كمضاد للجراثيم ومعالج للحساسية وطارد للديدان وأيضا مفيد المغص وبعض حالات الإسهال ويعتبر مساعد في خفض الكلسترول في الدم ومضادا للأكسدة أو تجميلية من حيت يستخرج من خشبها زيتا للتجميل ويستعمل صمغها أيضا في صناعة الورق والنسيج وصبغات الشعر حيث يعطي لونا بنيا لامعا ويعد خشبها اليابس أحسن حطب للتدفئة لأن له رائحة زكية يصنع من الخروب أحد أنواع المواد المحافظة للمنتوجات الغذائية بحيث يرز لها ب(E410)، تنتمي أشجار الخروب إلى باقة أشجار الغطاء النباتي لمنطقة إداوتنان وإحاحان.
وفي رحلة بحث ميداني إنطلقت حافلة نقل من أمام دار الشباب أورير نحو غابات جبال إيموزار التي تتواجد على بعد 56 كيلومتر شرق مدينة أكادير حيث تم اللقاء بالسيد (محمد )التاجر المكلف ببيع الخروب هو شيخ عجوز يرتدي ملابس تحيل على الفقر والعناء والذي صرح أن شجرة (تيكيدا)الخروب تعدُّ المورد الأساسي لكل ساكنة المنطقةبالخصوص النساء بعد زيت الأركان حيث تجتمع النساء يمتطين بغالهن في صباح كل صيف من أجل الذهاب للجبال وجني قرون الخروب وبيعها لشاحنات الباعة الذين يتهافتون على هذه الثمرة.
يصل الكيلو غرام الواحد من قرون الخروب (تيكيدا) إلى حوالي 15 درهم فقط في أسواق المنطقة عكس أسواق مدينةإنزكان الذين يبيعونه لمصانع الشكلاطة بثمن 100 درهم للكيلو غرام الواحد وهذا بالنسبة للنساء اللواتي يشتغلن في جمعه ثمن لا يتناسب مع التعب والجهد المبدول في جنيه وجمعه فتقول لالة فاطيم المرأة ذات عمر يقارب 60 سنة وملامح يغلب عليها نوع من التعب ومشقة الحياة وترتدي ملابس متسخة بالتراب تعكس المعاناة التي يعيشونها وتبين أيضا نوعا من قساوة المناخ بلسان أمازيغي أن المال المحصل عليه من جراء بيع {تيكيدا} الخروب يغطون به حاجياتهم الغدائية كما يشترين منه ملابس شتوية وتصنع منه نساء وبنات المنطقة خليط لذيذ يسمى(آملو نتكيدا) تستخرج النحلة من رحيق زهرة الخروب عسل حلو المذاق داكن اللون يعتبر شفاء لكل داء.
لكنَّ لالة فاطيم جد خائفة من زوال هذه النعمة لهذا تقترح هي وإبنها الأستاذ إبراهيم، فاعل جمعوي في المنطقة ،بعض الحلول لإنقاد هذه الشجرة، إنشاء محميات للعناية بهذه الشجرة تحت إشراف الخبراء في المجال لزراعي، تقنين استعمال هذه الشجرةمن خلال وضع قواعد تأطر وتحد من الإستغلال المفرط.
والتقطيع من طرف الشركات المستخرجة للزيوت،زيادة عن تفعيل حملات تحسيسية وتوعوية وإنشاء تعاونيات لتسويق المنتوج قصد رفع السعر محليا،توظيف الإعلام والمواقع الإجتماعية كوسيلة للتعريف بأضرار ومخاطر زوال الشجرة، ثم فرض عقوبات زجرية وغرامات مالية لأجل ردع السارقين واللصوص ،تنظيم خرجات مدرسية استكشافية نحو مناطق نمو هذا النوع من الشجر من أجل الإعتناء بها، إتخاذ وسائل أخرى للتدفئة غير الحطب، وأخيرايضيف إبراهيم ،وجوب إنتاج نوع من المبيدات لفائدة هذه الشجرة لحمايتها من الحشرات القشرية والفطريات إنَّ التشجيع على اعادة تشجير الخروب (تيكيدا) هو توفير اقتصادي مهم لفائدة ساكنة (فيلاج) ايموزار اداوتنان وهو أيضا وجه من أوجه الحفاظ على التماسك الإجتماعي والأسري وهو من إحدى الطرق الفعالة لتحقيق بعض صور المساواة في المغرب العميق حيث دلا مصانع ولا مورد دخل آخر.
فأمل {لالة فاطيم} و{دامحمد} هو وضع حد لكل الممارسات العشوائية العنيفة ولا إنسانية التي من شأنها أن تقضي على الأشجار وبالتالي مباشرة القضاء على البشرية وزوال الحياة
* التلميذة أمينة حديدي، ثانوية أورير التأهيلية، المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بأكادير.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.