“تحنقيزات” الصحفي بوعشرين

بوعشرين
توفيق بوعشرين

الحسن زهور//

استعرت لفظة ” تحنقيزة ” من مقال الصحفي بوعشرين المعنون ب ” لا عربية و لا أمازيغية .. سميرة فرانكفونية” المنشور في عموده اليومي يجريدته ” أخبار اليوم” ليومي السبت و الأحد 12 و 13 مارس 2016, المقال يحتوي الكثير من الشطحات الإيديولوجية والنفسية للرد على ما صرحت به الصحفية سميرة سطايل  لإحدى الإذاعات المغربية، حين قالت ” نحن بلد مغاربي و ليس عربيا ، و يجب أن نفتخر بذلك، نحن ماشي دولة عربية، أقولها و اتحمل مسؤوليتي.. نحن تاريخيا بلد امازيغي”,

رد السيد بوعشرين على ما صرحت به السيدة سطايل كان ردا إيديولوجيا مبنيا على ما ورثه من فكر ايديولوجي قائم على دعامتين: فكر قومي  يرتكز على الفكر البعثي السوري و الناصري الذي استورده القوميون المغاربة من الشرق، و فكر اسلاموي سياسي الآتي بدوره من الشرق يحاول دوما ارجاع المغرب الى المشرق الإسلامي بأسلمة المغرب شرقيا، لذلك لا يجد غضاضة في التذكير دوما بالاسلام حين يتعلق الأمر بمحاربة الأمازيغية لإيجاد تعارض بين الأمازيغية و الإسلام و كأن الأمازيغ الذين نشروا الإسلام بإفريقيا ناقصوا الدين .

بالنسبة للسيد بوعشرين في رده على تصريح السيدة سطايل  ” نحن بلد مغاربي و ليس عربيا” اختزل مفهوم البعد المغاربي في البعد العربي فقط ، ففي رأيه حين يلتقي التونسي و الجزائري و المغربي بتحدثون بالعربية، و هذا يكفي في نظره لجعل الاتحاد المغاربي اتحادا عربيا أي مغربا عربيا، و لكن إن سألناه عن الآخرين و هم الأكثرية بالمغرب و الجزائرالذين يتحدثون الأمازيغية فاين مكانهم في الاتحاد المغاربي للسيد بوعشرين؟ و أين الأبعاد الأخرى التي كونت حضارة و ثقافة و أسماء هذه الجغرافيا قبل مجيء العرب و الاسلام اليها؟ الجواب هو في ما يريده السيد بوعشرين من هذه الجغرافيا اي اعتبارها مغربا عربيا ( أورد كمثال الرد العنصري لوزير خارجية تونس أيام حكم حزب النهضة الاسلامي لتونس على اقتراح وزير خارجية المغرب انذاك السيد العثماني بتغيير اسم المغرب العربي بالاتحاد المغاربي).

و امعانا في الرد الايديولوجي يجمع السيد بوعشرين بين العربية و الاسلام كفكر حاولت الحركة الوطنية المغربية بايديولوجيتها القومية و السلفية نشره بالمغرب، سل السيد بوعشرين ورقة الدين الاسلامي لدغدغة العواطف و توظيف الدين في مسائل ايديواوجية سياسية، حيث مهد لهذه الدغدغة العاطفية بكلام ينفيه و في نفس الوقت يمارسه ، يقول ” المغاربة يحبون اللغة العربية لكنهم ليسوا ناصريين و لا بعثيين و لا قوميين شوفينين، و المغاربة مهتمون بالشرق العربي لأنه مهد الرسالة الاسلامية، و فيه تقع مكة المكرمة، و المدينة المشرفة و القدس الشريف.. حيث يتوجه المغاربة الى الكعبة خمس مرات..”.  

لم يقل أحد أن المغاربة يكرهون اللغة العربية يا السيد بوعشرين، و لم يقل أحد أن المغاربة ليسوا مسلمين، لكن ربط الدفاع عن الأمازيغية بكره العربية أو الاسلام هو سلاح الجبن و الخبث الذي شهره القوميون و الاسلاميون سابقا في وجه المناضلين الأمازيغ، و لم يجد نفعا  حين انكشف خبثه و وضاعته و خسته.

فأفكار غالبية مثقفي و سياسيي الحركة الوطنية بالمغرب منذ الاستقلال تبنوا الفكر القومي و السلفي الذي يجعل المغرب بلدا عربيا ، و ركزهذا التيار على مبدإ التعريب كمبدإ أساسي من المبادئ الأربعة للتعليم بالمغرب، و أضحى الفكر الناصري و البعثي فكرا مهيمنا في فترة تاريخية من تاريخ المغرب المعاصر و استطاعت الحركة الثقافية الأمازيغية دحره ليعود المغاربة الى ثقافتهم الأصلية، و لا ننسى أن تيارا من اليسار المغربي المتأثر بهذا الفكر استغله ايديولوجيا ضد الملكية بالمغرب و لا داعي لتذكير السيد بوعشرين بالمسيرات الكبرى التي تنظم بالرباط من أجل قضايا الشرق و لم نسمع سابقا عن مسيرة نظمت للقضية الوطنية نتيجة هيمنة هذا الفكر الذي جعل قضية الشرق الأوسط قضيته الوطنية الأولى و يتفاخرون بها بدون مراعاة مشاعرنا الوطنية ( وآخرها السيد  احمد ويحمان “رئيس رابطة ايمازيغن من أجل فلسطين” الموالي لحزب العدالة و التنمية والذي صرح بأن قضية القدس أهم  من قضية الصحراء المغربية في استفزاز صريح لمشاعرنا الوطنية)، في وقت  تناضل فيه الحركة الثقافية الأمازيغية الى اعتبار الوحدة الجغرافية و التاريخية لوطننا هي قضيتنا الوطنية الاولى.

السيد بوعشرين لم يجد في جعبته للهجوم على السيدة سطايل الا دغدغة العواطف القومية و الدينية ( و هو سلاح الضعفاء، مثلما قام به الكاتب بنسالم حميش مؤخرا في انتقاده للمفكر الراحل محمد اركون فلم يجد ما ينتقده به الا الطعن في دينه حين اتهم الراحل بالالحاد) ليصل في الأخير السيد بوعشرين  إلى ما  حاول إخفاءه و تزيينه بمكياج ايديولوجي عاطفي حين ربط السيد بوعشرين الأمازيغية بالفقر و الدونية، يقول في نفس المقال عن الأمازيغية “.. و لهذا يسعى ( تيار الفرانكفونية) الى تحويل هوية المغرب المتعددة .. الى هوية فقيرة و مختزلة بل و متعارضة مع جذرها العربي”.

لندع ما كتبه السيد بوعشرين لأنه يدخل ضمن الكثير من الكتابات الايديولوجية التي انهالت على الأمازيغية و تبخرت الكتابات و اندرست و طوى الموت و النسيان الكثير ممن عادوها و بقيت الأمازيغية شامخة ( و هذا يذكرني بالراحل رئيس اتحاد كتاب ليبيا علي فهمي خشيم الذي قضى حياته في محاربة الأمازيغية مؤلفا ضدها الكثير من الكتب، و من سخرية الأقدار أنه مات شهرين بعد نجاح الثورة الليبية و شاهد الأعلام الأمازيغية ترفرف في ساحة الحرية بالعاصمة طرابلس) ، لنقرأ ما كتبه السيد بوعشرين و هو الذي يملك سلطة الاعلام التي لا نملكها نحن، لنقول ان ما كتبه يدخل ضمن الحملة الاعلامية المنظمة من حزب معين و من وزرائه حملة حاولت و تحاول جاهدة ازالة الصحفية من قناة  دوزيم لمواقفها التي لا تنسجم مع توجهات الحزب، فلم يستطع الى ذلك سبيلا، فجعل من الأمازيغية الآن وسيلة للصراع، لكنه أخفق ، بل زاد من رصيد الصحفية سطايل و جعل منها صحفية مغربية جديرة بالتقدير رغم اختلافنا معها في بعض التوجهات.

” نحن تاريخيا بلد أمازيغي” هذه هي حقيقة جغرافيا و تاريخ المغرب و شمال غرب افريقيا، لا ينكرها الا الشواذ: الشاذ عن واقعه الثقافي و الحضاري و الوطني و الشاذ فكريا .


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading