بقلم منير المنيري//
” رسائل من زمان كورونا ”
الخاتمة الكبرى:
من معلم الصبيان في زمن البهتان: منير المنيري.
إلى مفتش الأساتيذ في زمن الكوفيد: محمد كروم.
أما بعد؛
فها نحن نبلغ النهاية ونبتغي الكفاية بما أنشأناه في الحجر الصحي من رسائل، استقصينا فيها كثيرا من المسائل التي همت زمن الوباء الفتاك، الكاشف للصادق والأفاك، أنشأناها عشرين كتابا وأكثر، فتلقاها الأشهر والأغبر، في الفيس بلغة امرئ القيس، قبل أن نتوقف عند حلول عيد الفطر دفعا للتكرار والاجترار، لأن أيام الحجر غدت تتشابه ووقائع الكوفيد تتجابه، بلا جديد يذكر ولا قديم ينشر، وإنما هي أرقام تتداول في الشاشات والجرائد كقطع الخبز على الموائد، وإن كنت قد طلبت أن نتوقف عن الإنشاء فما ذاك إلا لما ذكرت الآن في هذا الخطاب وما أومأت له في سالف الكتاب منتظرا ما تجود به الأيام علي من منح، وما تنتزعه القدرة الإلهية من محن، وهذا العيد قد انصرف بلا فتح الأبواب وزيارة الأحباب ولبس الجديد وتلاوة النشيد بسبب لعنة الكوفيد، فلزمت بعده منزلي المسمى بالزاوية، وما أظنه اليوم إلا كالأطلال البالية، لخلوه من الرفقة الغالية والصحبة العالية، التي آنستنا في سالف الزمان وجميل العهد والأوان، فبعد انصراف العيد والتأسف على الحال والمآل، انقشعت سحابة الاكتئاب وتركت العتاب لما رأيته من الاستعداد لرفع الحجر عن العباد فتفاءلت وخرجت أجوب بعض المواقع والشوارع وأنا أرتدي الكمامة الداعية إلى السلامة وملتزما بالإجراءات الصحية رغم ضعف البنيات التحتية، فما رأيت إلا بؤسا قد عم البلاد والتلاد وما سمعت إلا أخبارا تنذر بهبوب العواصف وتعطيل الوظائف كتهريب البشر بين الأقاليم والتردد في فتح المحلات التجارية قرب التجمعات السكانية والتوقف عن مد الفقراء والمحتاجين بالدفعة الثالثة من النقد والتموين وغيرها من الأخبار الخالية من الحكمة الاستبصار ولعل أعظم ما وقع في هذه المدة الأخيرة من الحجر ثورة أبناء سليكان في المريكان تضامنا مع ابنه السديد جورج فلويد، الذي خنقه الشرطي العنيد وخضوع السلطة لمطالبهم بعد أعمال النهب والتخريب التي تزعمها الكثير من السود والبيض ومنهم طائفة الموريش الذين يدعون بأن أصولهم من المغرب الكبير ذي الخير الوفير، وهكذا تناسلت الأخبار وانكشفت الأسرار برفع الحجر أخيرا قبل أيام من رسالتي هذه فتصاعدت أرقام المصابين بين العالمين وارتفعت معها أصوات الساخرين من الصحفيين، ولولا قصر المقال وتفضيلي الإقلال لذكرت لك من سفاهتهم أطنانا ومن تدليسهم برهانا، على أنهم كالأنعام وليسوا أصحاب آراء وأقلام.
أيها الشيخ الأبي وصديق الزاوية الوفي، كيف تريد لي أن أبتهج وأمرح وأفتح مهيع الزاوية للمريدين ونحن نخرج من الحجر كما دخلناه، وكان حريا بنا أن نتخذ العبر وأن نستقصي الأثر مما كشفه هذا الوباء من تخلف وجهل، من أجل بناء وطن جديد يليق بأحلامنا ونطفنا وإعادة مجد أمتنا وديننا، إن لوطننا علينا حقا، ولكن أكثر الناس لا يعقلون ولا يفقهون ولا يعون وللوطن كارهون، همهم الوحيد تسمين الأرصدة البنكية، واقتناء الأمتعة، والإكثار من النسوان والغلمان، والتفاخر بالرحلات والفيلات، وفي المجامع أخيرا يتبجحون بأنهم من خدام الدولة العلية، وأصحاب المواقف السنية، فاللهم دمر شملهم وأذهب ذكرهم واجعل حدهم محدودا، وسعيهم مكدودا، وحينهم مجلوبا، وعذابهم مصبوبا، في الدنيا والآخرة، إنك بكل شيء بصير وعلى فضحهم قدير… اللهم متعنا بالقليل مما أعطيتنا واحفظ علينا صحتنا وأهلنا ولا تجعلنا من الذين يركضون في الدنيا كركض البهائم، المحبين للغنائم، الآكلين أموال الشعب واليتامى، والضعفاء والآيامى، اللهم لا تحرمنا من لذة العلوم والفنون والشعر الموزون والنظر في وجهك يوم يلا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم ووجه كريم.
والحمد لله رب العالمين.
حرره العبد الضعيف المفتقر إلى عفو الله تعالى: منير المنيري بالزاوية المنيرية بين العيدين عام كورونا الملعونة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.