علمت مساء اليوم، الأحد فاتح غشت 2021, بحزن وألم شديد، راحل سي لحسن أيت المودن، بعد صراع مع المرض المزمن والمعاناة مع الفيروس اللعين. وبوفاة الرجل يكون الموت قد غيب “مدرسة الأجيال” بالمنطقة، فالرجل لكثرة الأجيال التي تخرجت على يديه يكون بمثابة مدرسة كاملة .
سي لحسن أيت المودن، كما عرفته عن قرب ، بسبب علاقات القرابة والجوار والمدرسة،كان مدرسا لي في الفصلين الرابع والخامس ابتدائي بمجموعة المدارس الجداول تاركة، كان انسانا طيبا، رجلا إجتماعيا، أستاذا صارما، مربيا مجتهدا.
كان أول معلم نكتشفه في “تاسوكت ن تيفورت” بدوار أيت معلا بجماعة تافنكولت بإقليم تارودانت، كان له تأثير كبير في حياة العديد من أبناء المنطقة، وأنا واحد منهم، فبقدر ما كنت أخاف من شدة صرامته، وأنا طفل صغير، وتلميذ في قسمه، بقدر ما أكن له الإحترام والتقدير، بعدما اكتشفت دوره الكبير في تعليمنا ليس فقط مضامن الدراسة، اللغة الفرنسية والرياضيات، ولكن في تعليمنا معنى الحياة ومعنى القيم ، القيم التي كان يؤمن بها وحاول غرسها في أفواج عديدة من التلاميذ، ويبوح بها أينما حل وبكل جرأة.
هذا الرجل الذي علم أجيال دروس الحياة، علم أبنائه على نهج مبادئه وكونهم أحسن تكوين، فكان المعلم الذي قال فيه الشاعر “كدا أن يكون رسولا” .
سي لحسن ايت المدن ولد سنة 1943 بتاسوكت ن تيفورت بدوار أيت معلا ، بجماعة تافنكولت إقليم تارودانت، تلقى تعليمه الأولي بين أحضان أسرته، حيث تلقى تربية أسرية محافظة وغنية بالقيم الدينية والثقافة الأمازيغية، كباقي أبناء جيله، من والديه وفي وسط عائلي متعدد ، لعائلة كبيرة معروفة بقيمها وكرمها” أيت المودن”.
ورغم نشأته في وسط محافظ استطاع بصرعة استعاب لغة المدرسة ، اللغة الفرنسية وقيمها، على الخصوص، حيث ظل مدرسا لها طوال مدة عمله كمعلم، ورغم تفوقه في اللغة الأجنبية ونظرا للتربيه المبكرة التي تلقاها من الأسرة تعلم كذلك اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم.
بعد تخرجه عمل في المدرسة الاهلية بتاركة، وبعدها التحق بمدرسة تجكالت، وحصل على شهادة البكالوريا بدار البارود بمراكش .
هو معلم جيد للفرنسية والرياضيات بالفرنسية ، تتلمذ في فصوله الدراسية أجيال كثيرة من أبناء المنطقة العديد منهم أطر تعمل في قطاعات عمومية وخاصة، اشتغل سي لحسن كذلك مديرا لمؤسسات تعليمية، شهد له بالكفاءة في تدبير شؤونها وفي حسن المعاملة بجدية،وصرامته المعروفة، مع كل العاملين معه.
قدم العديد من الخدمات لعدد من المهاجرين بالديار الفرنسية ،حيث كان مساعدا لأغلبهم بعد تقاعدهم، فكان الكاتب والمرجع في تدوين مراسلاتهم وتحرير شكاياتهم بلغة موليير التي كان يتقنها أفضل من الفرنسيين.
وكان المرحوم أيضا مثقفا في اللغة العربية ومجالاتها العديدة، ومهتما بأخبار المغرب والعالم، وكان مولوعا بحفظ أشعار كثيرة بالامازيغية، لعدد من شعراء أحواش والراويس.
رحم الله سي لحسن وأرزقنا، نحن وكل محبيه من تلامذته وعائلته وأبنائه وأحفاده الصبر والسلوان على فقدانه، وأرزقه الجنة مع الصدقين والشهداء، تعازينا الحارة للجميع، وانا لله وانا اليه راجعون.
الحسن باكريم
التعليقات مغلقة.