بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يصادف العشرين من شهر نونبر من كل عام بحسب توصية الأمم المتحدة، يتم تخصيص عدد من الفعاليّات الاحتفاليّة في هذا اليوم والتعريف به من قبل ناشطين في مجال حقوق الطفل حول العالم، إضافةً إلى مراقبة تنفيذ البنود الواردة في الاتفاقيّة الدولية لحقوق الطفل من قبل لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة.
واستنادا على رسالة منظمة بدائل للطفولة والشباب المتمثلة في “النهوض بأوضاع الطفولة والشباب” والتي تسعي إلى تحقيقها عبر المرافعة الجادة والمسؤولة من أجل النهوض بالسياسات العمومية المهتمة بقضايا الطفولة والشباب محليا وطنيا ودوليا.
وسعيا لتكريس وتعزيز حقوق الطفل المكفولة دستوريا، ومتابعة تفعيل الالتزامات الحكومية الواردة برنامجها في مجال النهوض بحقوق الطفل وأجرأتها في السياسات القطاعية، بالإضافة إلى متابعة تفعيل التوصيات والملاحظات الصادرة عن لجنة حقوق الطفل المتعلقة بتفعيل الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ستنظم منظمة بدائل للطفولة والشباب ندوة بمقر مجلس المستشارين حول: “السياسات العمومية للنهوض بأوضاع الطفولة بالمغرب”، يوم الأربعاء 26 دجنبر 2018 والذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الطفل. وذلك بمشاركة 200 مشاركا يمثلون القطاعات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني والأطفال، إلى جانب فعاليات وطنية ودولية مهتمة بشؤون الطفولة. وفيما يلي أرضية الندوة:
ورقة تقديمية:
ما من شك في أن راهن المشهد السوسيوسياسي المغربي يتميز بدينامية هائلة ومتواصلة لإصلاحٍ قطعَ فيها المغرب أشواطاً مهمةً يمكن اعتبارها ثورة هادئة تندرج ضمن السعي إلى الرفع من منسوب مؤشرات العيش الكريم لمختلف الشرائح المجتمعية، في أفق تقوية وشائج الإرتباط بالوطن وعرى الإنتماء. ولعل أهم هذه الإصلاحات، تلك التي تندرج ضمن السياسات العمومية الإجتماعية، حيث تشكل برامجها وأنشطتها الرامية إلى محاربة الهشاشة والإقصاء مناخاً مناسباً لبناء بيئة خدماتية ووقائية وحمائية واستشرافية للأشخاص ضعيفي أو منعدمي الحماية الإجتماعية، خصوصا فئة الأطفال وفق مقاربات تراعي الإلتزامات الداخلية للمغرب بمرجعية دستور 2011، باستحضار المكتسبات الحقوقية والإلتزامات بالمواثيق والعهود الدولية.
وفي هذا السياق، لا ضير من التذكير بالموقف الذي عبر عنه المغرب، منذ مصادقته على الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والبرتوكولين الاختياريين، حيث تمثل التزامه المتواصل بالنهوض بحقوق الطفل. وقد تبلور هذا الإلتزام، سنة 2006، في شكل خطة العمل الوطنية للطفولة ” 2006_ 2015 مغرب جدير بأطفاله”. وهي الخطة التي ترجمت التزامات المغرب التي عبر عنها خلال الدورة الإستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالطفل، ” عالم جدير بأطفاله “. حيث تم اعتماد خطة العمل الوطنية للطفولة التي صيغت وفق مقاربة تشاركية انخرطت فيها جميع الأطراف المعنية، في سعي إلى النهوض بحقوق الطفل وتطبيقها على أرض الواقع تصُب جلها في تعزيز المصلحة الفضلى للأطفال، كان من أبرز تمظهراتها، ملائمة مجموعة من التشريعات مع مقتضيات الإتفاقية الدولية، كمدونة الأسرة وقانون الجنسية وقانون المسطرة الجنائية وقانون الأطفال المهملين وقانون الحالة المدنية..
وقد تم تتويج هذا المسار الحقوقي، بتضمين دستور 2011 لعدد من الحقوق الدستورية للأسرة والطفولة، خاصة في الفصل (32) الذي أقر مسؤولية الدولة في ضمان الحماية القانونية والإعتبار الإجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، والفصل (169) الذي نص على مهام المجلس الإستشاري للأسرة والطفولة، كآلية للتتبع وتقييم السياسات العمومية ذات الصلة بالأسرة والطفولة. وهذا ما يبعث على شرعية التساؤل حول التنزيل الفعلي والعملي لهذه المكتسبات الحقوقية والدستورية وحول قصور ترجمتها إلى سياسة أسرية عمومية مندمجة للنهوض بأوضاع الأسرة والطفولة، وتمكينها من الحماية القانونية التي أقرها الدستور في المجالات الحقوقية والإجتماعية والإقتصادية، وذلك عبر أجرأة وتفعيل الدولة لالتزاماتها كاملة سواء منها الوطنية أو الدولية .
وبالرغم من ترصيد عدد من المكتسبات، فإننا نسجل أن العديد من الأطفال لا يتوفرون على يُسر الولوج للمرافق والخدمات الحمائية والسوسيوتربوية، مع استفحال عدد من الظواهر من قبيل استمرار زواج القاصرات، ارتفاع عدد الأطفال في وضعية صعبة، تشغيل الأطفال، الإستغلال الجنسي والإتجار في الأطفال، الهدر المدرسي، الحرمان من التمدرس … إلى غير ذلك من التمظهرات التي أصبحت تشكل أعطابا اجتماعية أضحت تستوجب التعجيل في مجابهتها، وهذا ينسحب على الأطفال المغاربة كما المهاجرين خصوصا الغير مرافَقين منهم. ويمكن ربط هذه الأعطاب والظواهر بعدة اختلالات، نجمل أهمها فيما يلي :
- غياب سياسة عمومية مندمجة برؤية واضحة وفعالة مع تسجيل ضعف التنسيق والإنسجام والتكامل بين مختلف الفاعلين سواء على المستوى المركزي أو الترابي في ظل هيمنة المقاربة القطاعية في معالجة قضايا الطفولة في المغرب؛
- غياب التجانس بين الخدمات الحقوقية والممارسات والمساطر وضعف جودة الخدمات (التعليم، الصحة، الترفيه…) وصعوبة الولوج إليها؛
- ضعف وقلة الموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة لتأطير الطفولة في المغرب؛
- ضعف الإعتمادات المرصودة للطفولة في الميزانية العامة للدولة؛
- غياب رؤية سياسية واضحة وناجعة للأسرة المغربية؛
- تشتت المصالح الحكومية المعنية بالسياسات العمومية الموجهة للطفولة على علاتها؛
- ضعف اهتمام الفاعل الحزبي بفئة الأطفال لكونها لا تندرج ضمن الكتلة الناخبة يؤثر سلبا على تموقعها في البرامج الحكومية.
ووفاءا للتأصيل المرجعي لمؤتمرها التأسيسي في شقه الترافعي، فقد خطًّــت منظمتنا منهجا يقوم على رصدٍ وتشريحٍ موضوعي لواقع الطفولة مع استشراف المستقبل وطرح البدائل القابلة للأجرأة والتنزيل ورفعها إلى المؤسسات والجهات المعنية، باعتماد أنشطة متعددة المضامين والمحاور ومتكاملة المرامي والغايات من حيث المرافعة والتحسيس والتوعية انطلاقا من الإعتلالات التي تعتري واقع الطفولة في المغرب بكل تجلياتها، خصوصا تلك المرتبطة بتعزيز تمكينها من مقومات العيش الكريم بما يستوجب وضعها في صلب اهتمامات والتزامات الفاعل الحكومي بمقاربة سوسيوحقوقية وفق سياسات عمومية مندمجة وجب تضمينها لزوما في البرامج الحكومية، بعيدا عن منطق الإحسان العمومي الذي أبان عن قصوره ومحدوديته وقلة نجاعته.
وتأسيسا على ذلك، فقد قاربت منظمتنا عدد من تلك الإعتلالات والظواهر استنادا على التنصيص الدستوري لعدد من الصلاحيات والدوار التي أناطها لمكونات المجتمع المدني. حيث عملت منظمتنا على استثمار هذه المكاسب الدستورية للتناظر والترافع حول قضايا متعددة تهم شأن الطفولة في المغرب، سواء فيما يخص وضعها بشكل مباشر، أو ما يرتبط بالمؤسسات التي تشتغل على واقع الطفولة أو معها، حيث تم ترصيدها عدد من الأنشطة إما على مستوى المنظمة أوفي تنسيق مع شركاء وطنيين (مؤسسات وقطاعات رسمية، وفعاليات مدنية) ودوليين (هيئات ومنظمات دولية)، في أنشطة تتوزع بين ما هو ترافعي، وما هو سوسيوحقوقي، وما هو تحسيسي وتوعوي، من قبيل تنظيم عدد من الندوات والحملات واللقاءات الترافعية لدى صناع القرار العمومي حول واقع الطفولة في المغرب، والدعوة إلى تبويئها المكانة المركزية في السياسات العمومية، المُجسِّدة لرؤى الرفع من منسوب التمكين الحقوقي للأطفال، سواء من خلال مناهضة تشغيل الأطفال، أو تجويد وتيسير الولوج إلى خدمات التعليم والصحة والترفيه … إلى غيره ذلك من الحقوق التي تندرج ضمن تعزيز وحماية المنظومة الحقوقية للأطفال.
وانطلاقا مما سلف بسطه، واعتبارا لتنامي ظواهر معقدة ومتعددة الأبعاد تتمثل في استمرار مظاهر العنف والإعتداء والإستغلال والإهمال وصعوبة الولوج لعدد من الخدمات التي من شأنها الإرتقاء بالوضع الإعتباري لطفولتنا. فإننا نتوخى من هذا الورش الفكري استصدار توصيات وتصورات نأمل من خلالها انخراط كل الأطراف المعنية بالطفولة في المغرب إلى مراجعة مناهج ومنطق التدخلات الحالية، وتبنِّي مقاربة مندمجة أفقية ونسقية بين قطاعية، وبلورة وإعداد سياسات عمومية منسجمة ومندمجة تراعي في عمق فلسفتها، خصوصيات المجتمع المغربي، والوضع الراهن للطفولة في المغرب في أفق ضمان وتحسين الولوج المتكافئ إلى الحقوق والخدمات، وتحقيق المشاركة الإجتماعية وفق فلسفة التمكين الحقوقي في شموليته لكافة الأطفال بغض النظر عن جنسهم أو انتماءاتهم.
وانطلاقا من الصلاحيات والأدوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني، وانسجاما مع غائية الخط الجمعوي لمنظمتنا انطلاقا من أهدافها المنشودة كبوصلة لأدائها المدني، ورغبة في خلق فضاء للتداول حول واقع وآفاق الطفولة في المغرب ومدى حضورها في برامج السلطة التنفيذية ببلادنا، وتحت عنوان : ” السياسات العمومية للنهوض بأوضاع الطفولة في المغرب “، تأتي هذه الندوة في سعي من المنظمة إلى خلق فضاء تداولي في هذه المؤسسة التشريعية لما لها من رمزية للتكامل والتلازم الوظيفي الذي يجمع بين الفاعلين الجمعويين والتربويين مع نظرائهم من الفاعلين السياسيين كل موقعه، مع يتيحه هذا المحفل من إمكانية التناظر الفكري لتشريح واقع الطفولة في المغرب، والبحث في ممكنات تطويره وتجويده إسهاما في تعزيز آليات الوقاية والحماية لهذه الشريحة. كما تهدف هذه الندوة للمساهمة في تعميق النقاش، حول الوضع الإعتباري للطفولة في المغرب من خلال مقاربة متعددة الأبعاد الحقوقية والإقتصادية والسوسيوثقافية …، مع القيام بقراءة تحليلية نقدية لحصيلة السياسات العمومية ذات الصلة بالطفولة، من خلال المحاور التالية:
- السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة بالمغرب
- مؤسسات والبرامج الموجهة للطفولة بوزارة الشباب والرياضة، أيه التقائية مع السياسات العمومية
- أي موقع للطفولة في الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان؟
- حماية الأطفال من الاستغلال والعنف والإيذاء
- تحديات حماية الأطفال من الجرائم الإلكترونية
- الطفل والإعلام في السياسات العمومية
- السياسات العمومية للنهوض بأوضاع الطفولة بالطفولة
للتواصل مع الإعلام:
- محسن بنتاج / عضو مجلس الادارة المكلف بتطوير الإعلام والتواصل: 0661287701
- سعيد بلفقيه / الكاتب العام: 0661700663
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.