بعد مرور 11 سنة على تأسيس مجلس الجالية المغربية

أكثر من ثلاثة ملايين من أفراد الجالية المغربية بالخارج يساهمون في النهوض بالاقتصاد الوطني من خلال المساهمة الفعلية في المشروع التنموي الذي انخرط فيه المغرب، وخاصة من خلال تحويلاتها المالية التي تساهم في تحقيق التنمية الشاملة المرجوة ، ومن خلال أيضا الدفاع عن المصالح العليا للمغرب ووحدته وثوابته الوطنية .

خالد الشرقاوي

لهذا السبب و لأسباب أخرى ، قرر جلالة الملك محمد السادس إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج ،  بتاريخ 21 دجنبر 2007 ، مهمته تتمثل في ضمان المتابعة والتقييم للسياسات العمومية للمملكة تجاه مواطنيها المهاجرين وتحسينها بهدف ضمان حقوقهم وتكثيف مشاركتهم في التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للبلاد ، و أيضا الاضطلاع بوظائف الإحاطة بإشكاليات الهجرة واستشرافها والمساهمة في تنمية العلاقات بين المغرب وحكومات ومجتمعات بلدان إقامة المهاجرين المغاربة.

إن ما حققه العديد من المغاربة المقيمين بالخارج من نجاح مهني وكفاءة علمية وتفوق في مجال الفنون والثقافة وكذلك في العمل السياسي في بلدان الاستقبال، من شأنه أن يجعل منهم جماعات للضغط تساعد على الدفاع عن مصالح المغرب الوطنية في الخارج على مستوى العمل الدبلوماسي الموازي.

كما أن المغاربة المقيمين بالخارج أصبحوا يشكلون كتلة لإنتاج قيم الديمقراطية والتقدم والتنمية، مما سيجعل من تمثيليتهم داخل مجلس الجالية فرصة مواتية لإدماج هذه القوة الجديدة في ديناميكية المغرب الجديد الذي يبحث لإشراك مواطنيه في مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار قيم دولة القانون.

و لم يعد يخف اليوم الدور الفعال الذي تمارسه جماعات الضغط في الدفاع عن مصالح دولها الأصلية والمغرب بحاجة للدفاع عن حقوقه في المحافل الدولية خصوصا لدى البرلمان الأوروبي كالدفاع عن الحقوق المشروعة للمغرب أو تدبير ملفات اقتصادية مع الا تحاد الأوروبي ولن تكون القناة هنا سوى قناة الجالية .

فمجلس الجالية إطار للحوار والوساطة وبمثابة برلمان صغير للمغاربة المقيمين بالخارج. ولا مجال للتأكيد بأن الديناميكية الاقتصادية والاجتماعية للجالية المغربية بالخارج جعلت منها قوة سياسية تثير تهافت الأحزاب المغربية على استقطابها لدرجة أن زعماء هذه الأحزاب أصبحوا يبرمجون لقاءات مع أفراد الجالية المغربية خلال زياراتهم للخارج بغاية التعريف بأحزابهم وببرامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك الاستماع إلى اقتراحات المغاربة المقيمين بالخارج .

كما أن إحداث مجلس للجالية المغربية بالخارج شكل مرحلة جديدة من أجل تحقيق المواطنة الحقة لمغاربة الخارج مثلهم مثل سائرا لمغاربة المتواجدين على التراب الوطني ، خصوصا و أن جلالة الملك يولي اهتماما خاصا لهذه الجالية ويعطي تعليماته للحكومة لكي تأخذ انشغالاتها بعين الاعتبار وبشكل أفضل.

فضلا على أن الدستور الجديد لسنة 2011 ، ولأول مرة في تاريخ المغرب ، ترجم انشغالات الجالية المغربية ، عندما حرص على تكريس حماية حقوقها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ، حيث يشكل الفصل 17 من الدستور على الخصوص ثورة جديدة للدولة في تعاملها مع المواطنين القاطنين في الخارج ، خاصة حقهم في المواطنة الكاملة ، و الفصل 18 الذي يؤكد على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين بالخارج في المؤسسات الاستشارية، و هيئات الحكامة الجيدة التي يحدثها الدستور أو القانون.

ففي يوم 21 دجنبر 2018 ، سنستحضر الذكرى الحادي عشرة على تأسيس مجلس الجالية المغربية بالخارج ، لذلك نأمل من الحكومة الالتزام بتفعيل حقوق أفراد الجالية المقررة في الدستور، كما ننتظر من مجلس الجالية في تشكلته الجديدة ، قريبا ، أن يتميز عن التجربة السابقة المتواضعة ، كي يساهم بجانب الحكومة في وضع و تقييم سياسات عمومية تهم المغاربة في الخارج و ضمان حقوقهم وتكثيف مشاركتهم في التنمية.

*مدير مركز الرباط  للدراسات السياسية و الاستراتيجية


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading