بعد فضيحة تحويلهما مصلى بأحد أحياء المدينة الى مشروع سكني: احتجاجات ضد وزارة الأوقاف والجماعة الترابية بإنزكان
خلف تحويل مصلى بحي تراست بمدينة إنزكان إلى مشروع سكني احتجاجات قوية ضد وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية وبلدية المدينة، المحسوبة على حزب العدالة والتنمية، حيث خرج العشرات من المواطنين من أبناء الحي المذكور في وقفة احتجاجية، مساء يوم الأثنين 4 يونيو الجاري، للتنديد بما سموه التواطؤ بين وزارة الأوقاف ومنتخبي المدينة لتفويت بقعة أرضية لشركة قصد انشاء مجمع سكني، وهي احدى الساحات العمومية المشهورة بحي تراست العريق بإنزكان وتحمل اسم ” إيكر ن تمزكيدا” ( حقل المسجد بالأمازيغية) كانت موقوفة للأحباس من طرف أحد الأسر، لتكون مصلا، لأداء صلاة العيدين وتنظيم حفلات دينية ووطنية وفنية، وفي نفس الآن ملعب الحي الوحيد الذي يستقبل دوريات ومقابلات في كرة القدم، تخرج منه العديد من الأسماء البارزة في مجال كرة القدم بالمدينة.
وعلمت “آخر ساعة” أن السلطات الأمنية طوقت المكان وحاولت منع الوقفة الاحتجاجية، بدعوى عدم حصول المحتجين على ترخيص مسبق، ليضطر المحتاجين الانسحاب، بعد لحظات من حضور العشرات من أبناء الحي، مستنكرين منع الوقفة الاحتجاجية السلمية والمشروعة لإيصال مطالبهم حول الساحة الى السلطات العمومية ووزارة الأوقاف والمنتخبين بالمدينة.
وتفاعلا مع الحدث الذي استفز مشاعر ساكنة الحي والمدينة دخل العديد من الفاعلين الجمعويين على الخطط ونددوا بإقدام الوزارة المعنية والبلدية على الاسراع بإنشاء المجمع السكني الذي وهبه شرفاء الحي منذ أزيد من خمسة عقود لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، متسائلين عن السر وراء هذا الإسراع بتنفيذ المشروع، الذي حصل على الترخيص من طرف الجماعة الترابية لإنزكان في وقت قياسي.
وقال هؤلاء أن تصميم التهيئة الخاص بمدينة انزكان انتهى العمل به منذ سنة 2012 ، وأن القانون المنظم للعقارات المحبسة والموقوفة تخضع لمدونة الأوقاف التي تمنع على البلديات والجماعات نزع الأملاك الموقفة من أجل المصلحة العامة إلا بموافقة صريحة من قبل السلطات الحكومية المكلفة بالأوقاف، وأوضحوا أن البلدية أصدرت بلاغا بعد علمها باحتجاجات المواطنين، قالت فيه بأن وزارة الأوقاف تقدمت بطلب تحويل الساحة المسماة (إيكر ن تمزكدا) ، بصفتها مالكة العقار الذي تبلغ مساحته تقريبا هكتار، إلى تجزئة سكنية في جزء منها، ومرافق إدارية تابعة للوزارة من قبيل مقر مندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي المحلي، وهما هيئتان لهما حاليا مقرين بتجزئة الحي الحسني بالمدينة، وتمت دراسة الملف من طرف الشباك الوحيد الذي يضم في عضويته كل من مصالح الوكالة الحضرية والعمالة والجماعة، وبعد أخد ورد يضيف البلاغ تم تسليم الرخصة للوزارة بتاريخ 25 ماي 2017 ، مع إرجاء بدأ الاشغال إلى حين إيجاد حل لمصلى العيد بحي تراست.
وفي هذا الصدد قال الأستاذ الجامعي ابن حي تراست الحسين بويعقوبي، أن هذا الوقف أصبح اليوم موضوع نقاش مجتمعي على المستوى المحلي بتراست حين أحست الساكنة بأن ساحتها مهددة ببناء مشاريع سكنية، لم تكن السيدة التي حبست الملك للمسجد تعتقد حينها أنه سيأتي يوم سيتحول فيها الحقل، الذي أصبح يرتبط بـ” تمزكيدا” المسجد، الى بقع سكنية.
ففي منطق القبيلة و”لجماعت”، يضيف بويعقوبي، وفق الأعراف الأمازيغية الممزوجة بالتعاليم الاسلامية، يصبح المكان مقدسا بمجرد ربطه بالمسجد، ولنا في أمثلة أخرى بسوس عديدة خير دليل على مدى الاحترام والقدسية اللذان تحظيا بهما الأماكن والأشجار والثمار حين ترتبط بالمقدس، فمنطق “لجماعت” وأعرافها يفرضان على الجميع احترام المكان والشجر ولا يحتاجون في ذلك لحارس أو قانون مكتوب.
إن ما يقع اليوم لـ “ايكر ن تمزكيدا”، وقد بدأ التخطيط له مند سنوات، هو نتيجة الانتقال من منطق القبيلة وأعرافها التي يحترمها الجميع، الى منطق الوزارة الوصية، الذي لا يراعي بالضرورة الحمولة التاريخية والنفسية للأماكن، فهذا المكان بحي تراست الى جانب كونه ملكا للمسجد ويجب أن يبقى كذلك، احتراما لرغبة واهبته، ازدادت قدسيته حين أصبح أيضا مصلى العيدين، يلتقي فيه سكان أكبر حي بإنزكان، وإلى جانب هذا البعد الديني، فقد كان طوال سنوات الثمانينات والتسعينات بمثابة المتنفس الرياضي لشباب المنطقة من خلال دوريات رمضان لكرة القدم، حيث لعب هناك كبار نجوم كرة القدم السوسية من محجوب رجاء أكادير الى روبيو الحسنية، وألمع نجوم نجاح سوس واتحاد كسيمة مسكينة وأطلس تراست، وفيه ظهر أيضا حكام كان لهم صيت على الصعيد الوطني والدولي كخالد رمسيس، كما كانت الساحة أيضا متنفسا ثقافيا من خلال العديد من السهرات المنظمة في المناسبات الدينية أو الوطنية.
ان “ايكر ن تمزكيدا” ليس فقط ساحة، بل مكانا للذاكرة، مثل “ساحة “ايمي واطراع” أو “دوغرام” التي من خلال أسمائها تحفظ ذاكرة المنطقة، واذا كان من فظل للنقاش الدائر اليوم حول ساحة “ايكر ن تمزكيدا” هو احياءه لهذا الاسم وتداوله من جديد على الألسن بعد أن كاد أن ينسى، ففي تداوله ارتباط وجداني وتاريخي بالمكان. وما على المسؤولين، كل من موقعه، الى أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه الأبعاد ويراجعوا قرارهم بخصوص هذه الساحة، ف”ايكر ن تمزكيدا” ليست فقط أرضا.
“الحسين ازطام” الفاعل الجمعوي بحي تراست قال بدوره أن ساكنة الحي استيقظت على وقع قرار بناء تجزئة سكنية فوق أرض طاهرة سجد على ترابها الصغير والكبير من ابناء الحي والمدينة، هذه الارض التي كانت في الأصل لواحدة من أبناء المنطقة والتي وهبتها لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية قصد استغلالها لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين من اجل الاستمرار في ممارسة شعائرهم الدينية وليس لأشياء اخرى، مازلنا نتساءل عن الاضافة الفعلية للمنتخبين الذين وضعوا انفسهم في الحلقة الأضعف بين مختلف الادارات في حين نجد اقرانهم لهم نفس الصفة بمدن اخرى يوجهون ويؤثرون بشكل فعال في السياسات المحلية وبرامج العمل المسطرة ، اليوم رئيس جماعة انزكان يوقع على ترخيص بناء التجزئة السكنية يرسل لنا رسائل واضحة وغير مشفرة على انه عابر سبيل يقدم ما يمكن ان يقدمه للإدارات ومؤسسات الدولة ، مع العلم انه تم رفض هذا المشروع في المجلس ما قبل السابق لأسباب عديدة
والغريب، في الأمر، يضيف ازطام، أن الشركة التي ستنجز المشروع مقرها كائن بمدينة اسفي حسب مصادرنا المطلعة، وأن هذه التجربة منقولة من مدن اخرى لا اعتقد انها شبيهة لإنزكان، لا من حيث المساحة ولا من حيث وفرة الوعاء العقاري ، لكن الأكثر غرابة ان مندوبية وزارة الاوقاف بتارودانت لا حول ولا قوة لها في تنزيل هذا المشروع ،حيث نزل كقطعة ثلج من الادارة المركزية مما يطرح عدة تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء مشروع التجزئة السكنية وكيفية انجازه ومن المستفيد منه.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.