انزكان: الماء والزراعة وتربية الأسماك اهم محاور المناظرة العلمية المغربية الإسرائيلية الاولى
متابعة: محمد امنون / المغرب
تشكل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، قفزة نوعية وتاريخية من أجل بناء علاقات اقتصادية واستراتيجية قوية بين المملكة المغربية والدولة العبرية، ورغم أن المغرب طل دائما يحافظ على ذلك الخيط الرفيع الرابط بين الرباط وتل أبيب، وكان مغاربة إسرائيل يلعبون دورا مهما في الاحتفاظ بهذا الخيط الرفيع قائما، كيف لا وعددهم يقارب المليون إسرائيلي من أصل مغربي، وهو الأمر الذي تكون له تأثيراته وتداعياته على الصعيد الاقتصادي كذلك، وقد سبق للكثير من المسؤولين الإسرائيليين من اصل مغربي أن عبروا عن استمرار هذا الخيط الرفيع بين البلدين، إذ سبق ل”بنعمي شالوم” وزير الامن والداخلية الإسرائيلي السابق وهو من مواليد طنجة أن قال: “إن العلاقات بين المغرب وإسرائيل هي علاقات تاريخية و اجتماعية واسرية ولا يمكن ان تنقطع في جميع الظروف…فالألف من المواطنين الإسرائيليين هم كذلك مواطنين مغاربة يحبون جلالة الملك و يحبون وطنهم الأول المغرب كما يحبون وطنهم اجدادهم الموعود إسرائيل”.
وهو ما جعل دائما المملكة تشكل مجالا مهما للاقتصاديين الإسرائيليين من أجل الاستثمار في عدد من المجالات من ضمنها” الماء والفلاحة والزراعة” التي تعتبر الدولة العبرية رائدة فيها بسبب التطور التكنولوجي، وهو ما جعل أوساط مغربية كثيرة دائمة الانفتاح على التجارب الإسرائيلية في الميدان الاقتصادي خصوصا في مجال ”البحث الزراعي” و” التنمية الزراعية بصفة عامة”، فقد كانت تجربة السقي بالتنقيط أهم المشاريع التي استقدمها فلاحي ومهني سوس من إسرائيل في فترة الثمانينات، كما سبق للسيد عزيز اخنوش رئيس الحكومة الحالي، وزير الفلاحة والتنمية القروية سابقا، خلال تقديمه ” لبرنامج ”مخطط المغرب الأخضر” ان استدل كنموذج بالتجربة الفلاحية لإسرائيل، وذلك في جدول مقارنة يخص استعمال البذور، واستعمال الآليات الفلاحية (المكننة)، فقد ورد في برنامج ” المغرب الأخضر” ان المغرب يستهلك 52 كيلوغرام من البذور في الهكتار الواحد، في حين تستهلك إسرائيل 1608 كلغ، أي ما يعادل 62 مرة المتوسط بالمغرب. وفي ميدان المكننة يبرز الجدول المذكور أن عدد الجرارات لكل 1000 هكتار بإسرائيل هو 72 في المائة، وهو ما يفوق بـ 12 مرة المعدل في المغرب (6 جرارات)، ورغم أن مخطط المغرب الاخضر قد استحضر في برنامجه الاولي المعدلات في 10 دول أخرى عربية وأوروبية وأمريكية، إلا أنه يضع مقارنة واضحة بين المغرب وإسرائيل لأن هذه الأخيرة تتفوق على كل تلك الدول مكننة واستعمالا للبذور.
واستمرارا لهذا التوجه القديم الجديد للمملكة في الانفتاح على التجربة الإسرائيلية في عديد الميادين الاقتصادية، احتضن معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بمدينة ايت ملول بإقليم انزكان يوم أمس الأربعاء 16 مارس 2022، الندوة العلمية المغربية الإسرائيلية الأولى حول الماء والزراعة وتربية الأسماك، وهي الندوة المنظمة بشراكة بين مجلس جهة سوس ماسة والغرفة الفلاحية لسوس ماسة.
وقد تميزت الندوة بحضور ومتابعة السيد عامل صاحب الجلالة بعمالة انزكان ايت ملول، مرفوقا بالسيد الكاتب العام للعمالة والعديد من المنتخبين ورجال السلطة والفعاليات الاقتصادية والباحثين والمهنيين والمستثمرين من البلدين، وقدرت اللجنة التنظيمية العدد فيما يقارب 160 فاعلا اقتصاديا من رجال الاعمال والمستثمرين وممثلي بعض الشركات الكبرى الناشطة في موضوع الندوة ومختبرات ومؤسسات البحث العلمي.
وقد نظم هذا الحدث بمبادرة من غرفة التجارة والصناعة المغربية الإسرائيلية بهدف تسهيل التواصل بين المهنيين من كلا البلدين من أجل تحسين الإنتاجية، وتطوير المهارات والابتكار في مجال الزراعة في المغرب وتقييم تطور قطاع الفلاحة وتربية المائيات بالبلدين، وتحديد التحديات المتعلقة باختيار الأصناف وإنتاجيتها وجاذبيتها في الأسواق الدولية. وتناولت الندوة أيضًا ترشيد استغلال المياه باستخدام التقنيات الجديدة لتحسين الري، وهي عملية حيوية لتطوير القطاع وتأهيله.
وتشكل الندوة مبادرة استراتيجية لإعطاء دفعة جديدة للنشاط الاقتصادي في المغرب بعد جائحة كوفيد 19 وتداعياتها، كما تشكل الندوة فرصة لتثمين مخطط بناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة، بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية للنموذج التنموي الجديد الذي رسمه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كما تعد هاته المناسبة فرصة مهمة بالنسبة للمنتجين المحليين بالمجالين الفلاحي وتربية المائيات بسوس ماسة للتعرف على التوجهات الجديدة للقطاع، واستكشاف الشراكات المحتملة في البحث والتطوير، بين المختبرات العلمية الجامعية والمنتجين، وتحديد الفرص المشتركة مع المستثمرين المحتملين من إسرائيل في اطار السياق العام للانفتاح على التعاون الدولي في المجال وإمكانيات تطوير الإنتاج الوطني وتخفيف عبء الكلفة المائية والطاقية، خاصة و أن صادرات الجهة تقدر ب 85٪ من الصادرات الزراعية للمملكة.
وبالمناسبة وفي تصريح لرئيس غرفة التجارة والصناعة المغربية الإسرائيلية، “سعيد بنريان”، قال “ان هذه الندوة تمثل فرصة لتعزيز تبادل الخبرات بين الفاعلين المغاربة ونظرائهم الإسرائيليين في الميدان الزراعي” مضيفا أن “المنتجين من جهة سوس ماسة، حيث يأتي 85 في المئة من الصادرات الزراعية للمملكة، سيتمكنون من التعرف على الاتجاهات الجديدة في هذا القطاع، واستكشاف الشراكات المحتملة في البحث والتطوير، بين الجامعات والمنتجين، وتحديد الفرص المشتركة مع شركات” Agro Tech” الناشئة والمستثمرين المحتملين من إسرائيل.
من جهتها، أشارت نائبة رئيس جهة سوس ماسة “زينب قيوح،” إلى أن هذا النوع من اللقاءات سيسهم بلا شك في تعزيز الشراكة النموذجية بين المغرب وإسرائيل.
الى ذلك قال المهندس الفلاحي العرايس السرحيني عن الجمعية المغربية للمنتجين والمنتجين المصدرين للفواكه والخضر” ان الندوة كانت فرصة قيمة ومهمة لتبادل سبل تعزيز التعاون بين المغرب وإسرائيل في مجالات تدبير ندرة المياه والزراعة وتربية المائيات ونقل التكنولوجيا لما يخدم مصالح البلدين.
من جانبه، أبرز السيد حرمة الله سيدي احمد رئيس الجمعية الصحراوية للتنمية المستدامة وتشجيع وجلب الاستثمارات للأقاليم الجنوبية في تصريحه تطابق وجهات نظر الخبراء والمهنيين في الجانبين وعزمهما على المضي قدما في تطوير مجالات التعاون الثنائي وتبادل الخبرات، مشيرا إلى أن وفد مهم من الخبراء والمهنيين ورجال الاعمال الإسرائيليين والأمريكيين زاروا مؤخرا الأقاليم الجنوبية للمملكة بمناسبة اليوم التسويقي لجهة الداخلة واد الدهب وخلال الزيارة تم بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات تدبير المياه والزراعة الصحراوية وتربية المائيات وكذا مختلف أوجه تبادل الخبرات في قطاعات الماء و الفلاحة والصناعة والصيد البحري، مختتما ان كل الوفود الوفد التي زارت مؤخرا الداخلة بما فيها الوفدين الأمريكي والإسرائيلي أعرب عن اهتمامهم الكبير بهذه الجهة ورغبتهم في المساهمة في الدينامية الاقتصادية المحلية، من خلال اغتنام مختلف فرص الاستثمار المتاحة في الجال الممتد من سوس الى الداخلة واد الذهب بفضل التوجهات والجهود الكبيرة لجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال.
اما السيد “م/ا” فقد اكد في تصريحه ان التكنولوجيا والابتكار ستصبح الجسر الذي يربط بين النظم البيئية والمجتمعية الإسرائيلية والمغربية، مشيرا ان المناقشات وتبادل التجارب وعرض فرص الاستئثمار في ميادين الماء والزراعة الصحراوية وتربية المائيات والصناعة وتطوير البنية التحتية هي فرصة لتغيير قواعد اللعبة لإطلاق الإمكانات الاجتماعية والاقتصادية للبلدين، مضيفا ان التعاون وتبادل التجارب في هذه المجالات موضوع هذه الندوة العلمية بمعهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة، في حال تم بنجاح، سيتيح الاطلاع على التجارب الإسرائيلية في الزراعة الصحراوية وتدبير الموارد المائية، والتي بدأت في وقت مبكر واكتسبت خبرة مع الزمن، مثل زراعة المحاصيل…وذكر(م/ا) أن «رماث النقب»، وهو اسم المشروع الزراعي في صحراء النقب، واحدة من أكبر وأنجح المناطق الزراعية في إسرائيل. تم تطوير المعرفة الزراعية في المنطقة على مدار الخمسين عاماً الماضية في مركز الزراعة التجريبية الصحراوية، فإسرائيل اكتسبت شهرة عالمية لقدرتها على تحويل الصحراء القاحلة إلى أرض صالحة للزراعة يقول المتحدث.
وكذلك، نوه أحد الخبراء الإسرائيليين في مجال الزراعة والفلاحة في تصريحه بقيمة النقاشات والمحادثات الثنائية بين الوفد الإسرائيلي والمهنيين والخبراء المغاربة التي ركزت على سبل تعزيز تبادل الخبرات والتعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك في مجالات الماء والزراعة وتربية الاسماك، مضيفا “ناقشنا أيضا التحديات التي تواجه البلدين في مجالي الماء والزراعة، وسنواصل نقاشاتنا وتبادل الخبرات والزيارات لما فيه مصلحة البلدين“.
وتجدر الإشارة إلى أن غرفة التجارة والصناعة المغربية الإسرائيلية منظمة غير ربحية تهدف إلى تعزيز التقارب بين البلدين عبر إبراز مؤهلاتهما وخلق تبادلات اقتصادية بينهما.
التعليقات مغلقة.