المغرب أول سوق تجاري لتونس في أفريقيا

بقلم يوسف الغريب

“ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشركات”

هو روح الخطاب الأخير لجلالة الملك الذي لا يمكن أن يصدر الا من دولة قويّة واثقة وقادرة على أجرأته ضد الدول التي ألفت اللعب على حبلين في علاقتنا الثنائية معها… بين الاستغلال لخيراتنا دون وضوح موقفها من قضيتنا الوطنية وخاصة فرنسا الذي سارع رئيسها اليوم إلى الإعلان عن موعد زيارته إلى المغرب الشهر المقبل وهو يغادر الجزائر كمؤشر إيجابي فيه الكثير من التودّد إلى المغرب كما لاحظ أغلبية المهتمّين بالشأن المغاربي وهم يتفاجئون بالخطوة الحمقى التى قام بها قيس الشقيّ باستقباله لزعيم البوليزاريو كموقف متعمّد ضد بلدنا حد أنّه اخترق المساطر المنظمة للحوار الإفريقي الياباني..

وإذا كانت هذه الخطوة لا تتجاوز حجم استفزاز مشاعرنا كمغاربة لا غير دون أيّ تأثير آخر فإن خبراء الاقتصاد والسوق يرون في هذا السلوك الارعن للرئيس التونسي نوعا من الانتحار للاقتصاد تونس الذي ما زال يعاني من مخلفات عدم الاستقرار السياسي ودخول البلد في أفق غامض  منذ الانقلاب على المؤسسات الدستورية هناك.. معتمدين في ذلك على أهمية المؤسسات الإقتصادية والإنتاجية المغربية داخل تونس التى تعتبر المستفيد الأول من الشراكة مع المغرب بالعودة إلى التبادل التجاري بين البلدين..

وفي حالة ما إذا فكر المغرب بعد هذا الموقف الإستفزازي للرئاسة التونسية في التطبيق الجزئي لمعيار الشراكات فإن الشعب التونسي لا محالة سيكون مقبولاً على سنوات عجاف.. إذ تشير المعطيات الميدانية إلى الدور الريادي للمجموعة البنكية المغربية التي دخلت إلى السوق التونسية سنة 2006  ليتحوّل  إلى فاعل مرجعي في القطاع البنكي التونسي، ب 204 فرع ومراكز أعمال، كما يساهم بشكل فعال في منجزات النظام البنكي التونسي.

وفي سنة 2018، تم اختيار البنك للسنة الخامسة على التوالي أفضل بنك في تونس، من طرف المجلة الإنجليزية “ذي بانكر”، التابعة للمجموعة المالية تايمز. ويوظف البنك المغربي  في فرعه التونسي 1.739 مستخدما، ضمن 204 فرعا، وله 951.702 زبونا، هذا مع العلم أن البنك المغربي يعمل في 25 دولة في إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، ويتوفر على أكبر شبكة فروع في إفريقيا تضم 4306 فرعا، وخروجه من السوق التونسية، سيشكل ضربة قوية لسوق الاستثمارات في تونس، كما سيصعب من التدفق المالي بين تونس والدول الإفريقية والشرق أوسطية والأوروبية..

وقبل أشهر فقط من فعل الخيانة والغدر وقعت هذه المجموعة المغربية عقداً مع الحكومة التونسيّة بقيمة نصف مليار دولار لتمويل مشاريع تجارية وصناعية وتأطير المقاولات المتوسطية والصغرى إضافة إلى تسهيل دخول المقاولة التونسية إلى إفريقيا عبر شبكة علاقاتها هناك .. دون أن ننسى صمود هذه المؤسسة المغربية هناك رغم عزوف المستثمرين وتنقيل مؤسسات البعض منهم.. كعربون لهذا الأخوة المتجدرة بين الشعبين المغربي والتونسي آخر فصوله تلك الجولة الملكية بشوارع تونس لحظة تعرضها لضربات إرهابية متتالية..

كل ذلك في صمت واحترام للواجب الأخلاقي والتضامني مع الشعب التونسي مقابل التنموي والسلوك الإبتزازي  من طرف كبرانات فرنسا في كل مرة تساعد تونس.. ولم يكن المغرب من يقف وراء أحداث قفصة الإرهابية.. أو هو من اقتطع صحراء تونس في عهد بورقيبة..

هو الفرق بين التعامل الأخوي والسلوك الإبتزازي الذي تجاهله القيس الشقي الذي رضخ لجنيرالات الجزائر ضدّاً على مصالح بلده الحيوية.. لكن سلوكه أيضاً هو فرصة لتربية هذا الموظف الجزائري برئاسة تونس ويعرف ان المغرب وقيادته لا تتلاعب بالشعارات ولا نتردّد في قرص أذن من يحاول أن يتحدّانا.. إذ يكفي التفكير فقط في انسحاب المجموعة البنكية المغربية من تونس ان يكون زلزالاً على شكل انهيار اقتصادي

لا مبالغة حسب الخبراء في هذا المجال.. وقد يكون إحدى الإختيارات القادمة لا محالة.. أما السجاد الأحمر لا يصنع الدول والمواقف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد