المركز الأورو-إفريقي يناقش مداخل ملاءمة التشريع الوطني مع نظام المحكمة الجنائية الدولية

استمرارا للأنشطة المبرمجة في إطار الشراكة المبرمة بين المركز الأورو -أفريقي للدراسات القانونية والسياسية والاستراتيجية، ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان.

واستكمالا لحلقة النقاش الذي تم فتحه خلال الندوة الوطنية التي نظمت بكلية الحقوق سلا يوم 21 نونبر 2019 حول موضوع “المداخل الدستورية والتشريعية لمصادقة المغرب على نظام المحكمة الجنائية الدولية”.

نظم المركز والوزارة ورشة عمل حول موضوع “التشريع المغربي ومتطلبات الملاءمة مع المصادقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية” يوم أمس بالمكتبة الوطنية. وهي الورشة التي تميزت بحضور ثلة من الخبراء والمتخصصين، توقفوا خلالها عند الاهمية التي تكتسيها هذه الهيئة القضائية الدولية التي شكل أحد أهم مكتسبات النضالات الحقوقية للمجتمع الدولي، باعتبارها آلية مهمة لترسيخ نظام قانوني دائم للمسؤولية الجنائية الدولية للأفراد، وكونها تعبر عن ضمير عالمي جماعي لحماية المجتمع الدولي وحقوق الانسان وترسيخ قواعد الأمن والسلم الدوليين من خطر الانتهاكات والجرائم الخطيرة.

في هذا السياق أشار الدكتور صبح الله الغازي قاضي دستوري سابق وأستاذ بكلية الحقوق، في كلمته الافتتاحية إلى أن الترافع اليوم من أجل مصادقة المغرب، على نظام روما يكتسي أهمية بالغة، خاصة وأن المغرب منذ أعتلاء الملك محمد السادس عرش البلاد انخرط في مسار اصلاحات بنيوية في سبيل تكريس دولة الحق والقانون، كان آخرها دستور 2011، والذي يمكن اعتباره بمثابة مصادقة ضمنية على ميثاق روما، بالنظر إلى أنه دستر معظم اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية والمتمثلة في تجريم جميع الممارسات المنافية للقانون الدولي الانساني. ينقصه فقط المصادقة الفعلية على نظام روما من أجل استكمال مسار ارساء دولة القانون التي ما فتئ ملك البلاد يؤكد عليها.

وقد أشار المتدخلون في هذه الورشة العلمية إلى أن المغرب رغم كونه من الأوائل الذين وافقوا على نظام روما سنة 1998، إلا أنه لم يستكمل مشوار المصادقة عليه، حيث بدا موقف المغرب منذ البداية مشوبا بالغموض بخصوص المحكمة الجنائية الدولية ومدى إمكانية المصادقة على نظامها الأساسي.

غير أنه اليوم وبعد ما يقارب العقدين من تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وامام مجموعة التطورات السياسية والحقوقية التي عرفها المغرب في العقد الأخير، خاصة منها دستور 2011 وإحداث المجلس الوطني لحقوق الانسان ومساهمة المغرب بإيجابية كبيرة في المجهودات الأممية للحيلولة دون الإفلات من العقاب، وبالتالي لم يعد هناك أي مبرر لعدم المصادقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية.

وقد خلص المتدخلون أن ملاءمة التشريع الوطني مع نظام روما سيمكن المغرب من تسييج وحماية سيادته، خاصة وأن المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها مبني على التكامل مع اختصاصات المحاكم الوطنية، ولا تتدخل إلا في حالة انهيار القضاء الوطني أو عدم قدرة الدولة على محاكمة مجرمي الحرب، أو في حالة محاولة الدولة التستر على الجرائم ضد الانسانية، وذلك بمحاكمة المتهمين صوريا.

ذلك أنه في جميع الأحوال حتى في حالة عدم المصادقة على نظام روما، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التدخل بناء على إحالة الأمر عليها من طرف مجلس الأمن، وهو ما يشكل خطرا على سيادة الدولة. وبالتالي فملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية هو بمثابة تسييج لهذه التشريعات وحماية للسيادة من التدخل خارج ما وافقت عليه الدولة بإرادتها.

هذا وقد عرفت هذه الورشة العلمية حضورا متميزا، سواء كباحثين وأكاديميين، أو فعاليات مدنية حقوقية.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading