وإنت تخترق شوارع أحدث الأحياء بالمدينة الذي ما زال يبحث عن هويته الجمالية في الجانب المرتبط بالبستنة والإخضرار حتى تفاجئ بهذا الإستثناء المفرح الذي تميزت به مدرسة ابتدائية تحمل اسم الحي نفسه ( الحي المحمدي) وكأن تلامذها الصغار يتدربون منذ الآن على التصور الجمالي لمستقبل الحي انطلاقا من تحويل فضاء المؤسسة إلى مستتبت حقيقي لكل بذور الزهرات التي لا محالة ستنفتح مستقبلا على كل المحيط.. بكل المحيط.
تختلط عليك الصور انت الزائر الأول لهذه للمدرسة بين الأرض هنا وهي تكتسي الأخضر وبين خفة هذه الأنامل الصغيرة الملطخة بالتراب…تقرأ في هذه العيون البراقة التي تطلع إليك فرحة ساحرة وهي تتسابق لعرض مغروساتهم إلى كل الزائرين والمدعويين للحفل الجهوي لتسليم الاستحقاقات الوطنية للمدارس الإيكولوجية بهذا الفضاء الجميل لمدرسة الحي المحمدي التي تحولت كل اروقتها إلى معرض مفتوح للمدارس الابتدائية التسعة التى شاركت في هذا الاستحقاق… وكم كان الأمر مذهلا وانت تتابع شروحات هذه البراعم لإنتاجاتهم البيئية وسط الوفد الرسمي يتقدمهم المدير الجهوي للأكاديمية والمدير الإقليمي ومدراء المؤسسات التعليمية وممثل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة الشريك الفعلى وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة ومنابر إعلامية وجمعوية.
ليستنتج المرء على أن إختيار المدرسة لاتبثاق جيل جديد مسؤول بيئيا ومؤمن بقيم التنمية المستدامة هو قرار استراتيجي يؤسس لهذا السلوك الإيكولوجي الذي بدأت ملامحه الأولى تؤكد صوابه هنا وبهذا المدرسة العمومية عشية هذا الخميس… وهذا بالضبط ما بصمت عليه كلمة السيد المدير الجهوي للأكاديمية الذي افتتح برنامج الحفل الجهوي التتويجي بعد النشيد الوطني حيث اعتبر التربية على البيئة يعتمد على مقاربات تربوية تهدف إلى ترسيخ قيمها في المناهج المدرسية بما يسمح للمتعلمات والمتعلمين ومختلف العناصر الفاعلة يسمح لهم ببناء مشروع بيئي عملي في محيطهم… بل والقدرة على الدفاع والترافع عن السلوكات وأنماط الحياة التي تحترم البيئة كي يساهموا بشكل فعال ودائم بالمحافظة عليها وترسيخ روح المواطنة الإيكولوجية لديهم… مضيفا على أن الهدف الأسمى من كل العمل المؤسس الآن هو أن تصبح المدرسة المغربية عاملا ديناميكيا في تكوين أجيال قادرين على أن يتعرّفوا على مشاكلهم البيئية… قادرين على تغيير سلوكاتهم وتحمل مسؤولياتهم..
.وهو بالضبط ما أكد عليه ممثل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة حين أعاد التذكير بأهداف هذه المؤسسة وهي تضع الأجيال القادمة في مقدمة برامجها ومن خلالها على إشاعة الثقافة البيئية مركزا على النتائج الباهرة التي حققتها المدارس الإيكولوجية الطوعية منذ 24 أبريل 2010 إلى الآن وهو تاريخ توقيع اتفاقية الشراكة بين المؤسسة ووزارة التربية الوطنية على هامش الاحتفال باليوم العالمي للأرض وتحت الرئاسة الفعلية لصاحب السمو الأمير مولي رشيد وصاحبة السمو الأميرة الجليلة للا حسناء….
ومن الصدف الجميلة هو أن الوقت الذي كانت فيه الأميرة الخضراء تترأس أشغال المجلس الإداري للمؤسسة عشية الخميس 13 نونبر وهي تشيد بالعمل المنجز وبالنتائج الملموسة التي تحققت منذ إنشاء المؤسسة يونيو 2001… في ذات الوقت كان المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بأكادير يستعرض أمام الحضور النتائج التي حققتها المدارس الإيكولوجية الطوعية بالمديرية وفي سقف زمني لم يتعدى ثلاث سنوات… مستعرضا بعض التجارب المميزة للمديرية على المستوى الوطني كتجربة شراكة مع المجتمع المدني في بناء أقسام بيو مناخية وصديقة للبيئة بجماعة الدراراكة وهي أقسام تعتمد في بنائها على المواد الأولية للمنطقة ومنسجمة مع طبيعة عمرانها ومحيطها البيئي… مضيفا إلى ذلك هذا الانخراط الفعلي في مشروع غرس مليون شجرة وفق البرنامج المؤطر من طرف الولاية وعبر الفرع الإقليمي للبيئة… وهو يتابع رسم هذه الخريطة الخضراء إقليميا هنأ كل المدارس التسعة التي حصلت على اللواء الأخضر بنسبة 100% مركزا بالخصوص على تقديم الشكر إلى كل الفاعلين والمؤطرين أساتذة وإداريين على هذا الإنجاز الغير المسبوق جهويا..
ليختم الحفل على أنغام النشيد الأخضر البيئي المرافق لرفع اللواء الأخضر بالمؤسسة بعد توزيعه على بقية المؤسسات الثمانية الأخرى الفائزة… وأنت تخترق الحي من جديد بعد نهاية حفل جعلك تؤمن بأن ساكنة هذ الحي محظوظة جدا بتواجد هذه المدرسة بمحيطها…بل تزداد قناعة تفاؤلية بمستقبل الوطن ككل… وكيف لا وأطفالنا اليوم يزرعون الحياة في الأرض هم بذلك يترجمون قوله تعالى ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ).
التعليقات مغلقة.