الحركة الأمازيغية وتركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الجديدة
تم الإعلان عن التركيبة الجديدة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان فتبعتها بعض ردود الأفعال تستنكر غياب تمثيلية الحركة الأمازيغية، بل واعتبر البعض ذلك اجراء “عنصريا” ضد الأمازيغ، في خطاب يكاد يجعل من الأمر موضوعا “إثنيا”، توزع مناصبه على أساس الإنتماء الإثني، وليس للدفاع عن حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا. صحيح أن التعيينات غلبت عليها الإنتماءات الحزبية، ومن يدور في فلكها، دون أن يكون الإنتماء الحزبي تهمة ودون أن ينقص ذلك من مكانة المعينين في مجال النضال من أجل حقوق الإنسان، لكن ردة فعل من يتحذثون من داخل الحركة الأمازيغية ويشتكون من الإقصاء توحي بأنهم مؤمنون بالعمل من داخل المؤسسات والسعي للتأثير في القرارات العامة لما فيه خير تعزيز الحقوق الأمازيغية في أرض الواقع. يصعب الجزم في هذا الأمر. فالخطاب المهيمن يوحي بأن أغلب مناضلي القضية الأمازيغية يرفضون العمل المؤسساتي ويعتبرون ذلك احتواء من طرف “المخزن”، وحتى من تم تعيينه في مؤسسة ما يتهم بالخيانة واستغلال الأمازيغية لأهذاف شخصية، بل وتطلق إشاعات على الأفراد بخصوص هذا الموضوع في إطار استراتيجيات فردية وصراع المواقع باسم زعامة فارغة. ولنا في تجربة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية خير دليل. فقد أتهم المعينون في المجلس الإداري بشتى أنواع التهم وقرر بعضهم الإستقالة من منصبهم لأسباب لا يعلمها إلا هم، فكان ذلك سابقة في تاريخ المغرب.
إن من شأن عدم تعيين أي محسوب على الحركة الأمازيغية في المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يدفع الفعاليات الأمازيغية لمزيد من الوضوح في علاقتهم بالعمل المؤسساتي، خاصة بعد الإعتراف بالأمازيغية لغة رسمية للدولة، وهو ما يفرض العمل من داخل المؤسسات من أجل تفعيل الوضع الجديد للغة الأمازيغية. ومن الناحية الحقوقية، فكل مناضل حقوقي أممي لا يمكنه إلا أن يدافع عن الحقوق الأمازيغية لأنها من صميم حقوق الإنسان، والدفاع عنها ليس من باب الإنتماء “الإثني” أو “العرقي” أو حتى اللغوي، بل من مدخل الحق الإنساني.
إذا كانت مكونات الحركة الأمازيغية ترفض كلية أي تمثيلية لها في المؤسسات الوسيطة والرسمية فعليها أن تعلن ذلك رسميا من خلال الإطارات المكونة لها، وسيكون غيابها في المؤسسات استجابة طبيعية لموقفها، وإذا كانت تريد المشاركة في التذبير المؤسساتي للأمازيغية فعليها أيضا أن تعبر عن ذلك بوضوح، وتسلك الطرق المعروفة بما في ذلك ايداع الملفات حسب الإجراءات المعمول بها بشكل علني ودون خوف من الإتهامات.
إن مرحلة ما بعد الإعتراف الدستوري بالأمازيغية هي مرحلة جديدة لا يمكن تدبيرها بنفس منطق ما قبل الإعتراف، وهنا لابد من تغيير الرؤية والخطاب والممارسة وأساليب العمل.
هذا هو عمق النقاش في المرحلة الحالية، ما عدا ذلك ضياع للوقت والجهد.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.