الجزائر: مرور 17 سنة على اغتيال المغني “الثائر” معطوب لوناس
مرت 17 سنة عن مقتل المغني الجزائري الملتزم معطوب لوناس، والذي اغتيل في 25 يونيو/حزيران 1998 بــ 78 طلقة رصاص أثناء عودته إلى منزله ببلدة “بني دوالة” قرب مدينة تيزي وزو (منطقة القبائل). ولا تزال أغانيه الثورية يرددها مئات الآلاف من عشاقه، في حين تطالب عائلته من الحكومة الجزائرية كشف الحقيقة في قضية اغتياله.
تعددت السيناريوهات حول الجهة التي كانت وراء اغتيال المغني الجزائري الكبير معطوب لوناس. البعض وجه أصابع الاتهام للإرهابيين الإسلاميين، الذين سبق واختطفوه لمدة 15 يوما في 1994، والبعض الآخر اتهم المخابرات الجزائرية بأنها اغتالت صوتا ظل ينتقد النظام الجزائري حتى آخر دقيقة من حياته.
وقد طوى النظام الجزائري ملف مقتل المغني، والذي كان يتمتع بشعبية كبيرة في منطقة القبائل، بعد محاكمة جرت في 2011 بمدينة تيزي وزو، تم على إثرها الحكم على إرهابيين اثنين بالسجن 20 سنة. لكن أصواتا لا تزال تتعالى هنا وهناك مطالبة بمحاكمة جديدة نزيهة وعادلة.
من بين هذه الأصوات، شقيقة الفنان مليكة معطوب التي أصبحت تدير أشغال المؤسسة الفنية التي تنشط باسم أخيها.
وقد انسحبت عائلة معطوب لوناس من المحاكمة بحجة أنها ليست عادلة وأنها لم تحل إلى القضاء المتورطين الحقيقيين في مقتل المغني.
أحد أبرز المدافعين عن اللغة والثقافة الأمازيغية
وبالرغم من أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تعهد لوالدة الفنان بتسليط الضوء على عملية الاغتيال، إلا أنه لم يف بالعهد. لهذا السبب، كلفت عائلة معطوب لوناس مكتبا متخصصا في التحقيقات الدولية من أجل التحقيق بشكل مستقل والسعي إلى كشف ملابسات هذه القضية.
ورغم رحيل معطوب لوناس، إلا أن الجزائريين عامة وسكان منطقة القبائل خاصة يتذكرونه ويستمعون إلى أغانيه التي كانت سلاحه الوحيد، إضافة إلى آلته الموسيقية ، في محاربة الظلم في بلاده.
وعرف معطوب لوناس بدفاعه القوي عن الثقافة الأمازيغية، مطالبا بإلحاح إدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية. وانتقد في أغانيه النظام الجزائري، متهجما على أبرز وجوهه، من السياسيين والعسكر.
وقد تعرض الفنان قبل اغتياله لإطلاق النار من عناصر الدرك الوطني الجزائري وسقط جريحا في منطقة القبائل عندما كان يوزع مناشير داعية إلى مساندة الانتفاضة الشعبية التي عرفتها الجزائر العاصمة في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1988.
أصالة وتواضع وكرامة
وقبل مقتله بأسابيع، أصدر معطوب لوناس “ألبوما” تضمن أغنية ينتقد فيها النظام الجزائري مستخدما لحن النشيد الوطني (قسما)، منتقدا فيه أيضا الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الذي يتحدر من أصول قبائلية، واتهمه بترك مطالب الأمازيغ جانبا والاهتمام فقط بمستقبله السياسي ومصالحه الشخصية.
وعاش معطوب لوناس بين الجزائر وفرنسا حيث كان يملك العديد من الأصدقاء، ويقضي غالبية لياليه في مقهى قبائلي بالدائرة العشرين في باريس. كما كان يعرف بلطفه وكرمه وتواضعه وعدم اكتراثه بالمال، والدليل أنه كان يرفض رفضا باتا إحياء أية سهرة غنائية مدفوعة الأجر في منطقة القبائل.
ويتمتع معطوب لوناس بشهرة كبيرة في فرنسا وكان يحل ضيفا على العديد من القنوات التلفزيونية الأجنبية بينما كان ممنوعا في التلفزيون الجزائري.
رحل معطوب لوناس وترك عمله الفني وصوته يتعالى في سماء الأغنية الجزائرية إلى الأبد.
طاهر هاني
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.