الجامعة العربية*

تأسست ما يسمى بالجامعة العربية في عام 1945 عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وكانت إمتداد لفكرة القومية العربية والتي قام بخلقها ونشرها وبت الدعاية لها بين الشباب فيالشرق الأوسط ويالذات(العراق،بلاد الشام أي سوريا ولبنان،وفلسطين والأردن) القوى العالمية الكبرى المتحكمة في مقدرات منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي وبالذاتبريطانيا أو المملكة المتحدة؛ حيث روجت بريطانيا للفكر القومي العربي مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في مناطق الشرق الأوسط لخلق جو عدائي في مواجهةالإستعمار العثماني ،الذي كان إمتداد للخلافة الإسلامية،وتهيئة المنطقة للإستعمار الأوروپي.وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية والتي جرت إحدى معاركها الرئيسية التي إنهزمتفيها قوى المحور أمام قوات الحلفاء وذلك في منطقة

محمد شنيب

العالمين في الشرق الليبي على الحدود الغربية لمصر مع ليبيا.وكانتالتوقعات  تشير إلى ظهور الإتجاه في منطقة الشرقالأوسط والشمال الأفريقي نحو تحرير بلدان هذه المنطقتين؛ وخاصة بعد إستقلال لبنان وإنشاء دولة المملكة الأردنية ودولة مملكة العراق وجمهورية سوريا وبدء العمل حثيثآ لإنشاءدولة إسرائيل في فلسطين.

تكونت هذه الجامعة كظاهرة تمثل تجمع هذه البلدان مضافآ إليها مملكة اليمن آن ذاك والمملكة السعودية ومملكة مصر أيضآ آن ذاك فيما يبدو تجمع إقليمي للمنطقة أساسه الفكرالقومي العربي ولم يكن هذا الكيان كيان إقتصادي هذفه بناء إقتصاد حديث يسعى لبناء وتطوير أوطان هذه المنطقة.وإختيرت مصر مقرآ دائمآ لهذا التجمع لسبب بسيط هو محاولةربط الشرق الأوسط بالشمال الأفريقي تحت ما سمي بتجميع  “العرب” تحت جامعة تتولى قيادة هذه الدول للسير بها نحو ما سمي الوحدة العربية.

والآن وبعد مرور أكثر من سبعين عام على وجود هذا البنيان العقيم وإنشاء دولة إسرائيل (عام 1948) وإنضمام دول الشمال الأفريقي على التوالي إلى هذا التجمع بمجرد حصولهاعلى إستقلالها وتوليها سيادتها الوطنية، يواجهنا السؤال الذي يطرح نفسه ماهو الذي قامت به هذه الجامعة حتى الآن منذ نشأتها؟ وهل نجحت ولو مرة واحدة في إيجاد حل للأزماتالمتوالية على دول هذه المنطقة؟

 إن هذا الكيان  لم ولن يقوم بأي شيئ إيجابي لهذه المنطقة ولم يحقق أي فعل في مواجهة الأزمات السياسية والإقتصادية التي مرت على منطقة الشرق الأوسط والشمالالأفريقيي،ولم يحقق إلا الإنتماء الظاهري الكاذب لهذه الدول وتوسيع فكرة تصدير الإنتماء للعروبة إلى دول أخرى فقيرة أفريقية ووعودها كذبآ بإعطائها مساعدات مالية لتحسينأوضاعها الإقتصادية، مثل الصومال،وجيبوتي وجزر القمر.كما نذكر محاولة ضم إريتريا  والحبشة التي كان من دعاتها الديكتاتور (القذافي ) غير أنه لم يفلح في تحقيق ذلك.

فهذا التجمع ليس تجمعآ إقتصاديآ له أهذاف واضحة وصريحة للنهوض بالمنطقة وبنائها في وجه التحديات المحاطة بها من جميع الجهات،بالرغم من أن له طابع سياسي وإجتماعيكاذب…فعلى الصعيد السياسي لم يكن له دور يذكر ولا حتى محاولة لحل الصراع الدائر في المنطقة بين إسرائيل والدول المسماة عربية،ولم تقم بحل الخلاف الذي دار في ستيناتالقرن الماضي بين عبد الناصر والسعودية في حرب اليمن والتي كلفت الشعب المصري الكثير وزادت من فقره ،ولم تقم الجامعة العربية حتى بتأييد حقيقي للشعب الجزائري إبانحرب التحرير بل ولم يكن لها موقف مشرف من حرب 1956 التي قامت بِعد أن أممت مصر قناة السويس،بل كانت دائمآ تتبنى ما تمليه الدول الكبرى.ووقفت هذه الجامعة موقفالمتفرج عندما غزى ,عام 1990 , ديكتاتور العراق (صدام حسين )**دولة الكويت المجاورة للعراق مباشرة بعد إنعقاد مؤتمر قمة عربي في في بغداد.

وتقروتدعوا الجامعة العربية الدول المنتمية إليها مقاطعة إسرائيل،بينما يتواجد مقرها في العاصمة المصرية حيث تتواجد السفارة الإسرائيلية…!!!!وتقوم دولة قطر المتبنيةوحاميةالإسلام السياسي ومحاولة نشره في الشمال الأفريقي بتصدير غازها الطبيعي إلى دولة إسرائيل…!!!!ولم تقم هذه الجامعة بأي مجهود يذكر لحل أزمة المهاجرين السوريينالفارين من لهيب الطاغية المسمى (بشار الأسد)،هؤلاء المهاجرين الذين ظلوا بدون مأوى وفي العراء ولا حتى الأكل حتى تبنتهم بعض الدول الأوروپية وكندا ووفرت لهم المأوىوالأكل….هذا على الصعيد السياسي،

..أما على الصعيد الإقتصادي قامت بتشكيل منظمة الأواپك العربية،تقليدآ لمنظمة الأوپيك العالمية،وفشلت منظمة الأواپك لم تقم حتى مرة واحدة في تاريخها بإيجاد صيغةواحدة وسياسة موحدة لإنتاج النفط والغاز ولو حتى في مابين دول الخليج الغنية …

هذه الجامعة التي هي عبارة عن نادي أو ملتقى يلتقي فيه وزراء خارجية الدول المنتميه إليها ورؤساء الدول أحيانآ في لقآت نفاق ومجاملة بل حتى وكذب، حيث يتكرر عقدالمؤتمرات والحفلات والتألق لحضورها بأجمل البدلات وآخر التقليعات ويتبادلون الإحتضان والقبلات الزائفة ويشكلون أمانة وطابور من الموظفين الذين لايقومومن بأي عمل مثمروضروري بل يتكالبون على الحصول على وظائفه والبقاء فيها لمدد طويلة التي تدفع لهم فيها  مرتباتهم بالعملات الصعبة. هذا هو حال هذا الجسم الغريب الذي تم غرسه فيمنطقتي الشرق الأوسط والشمال الأفريقي وكان أول أمين لهذه الجامعة السيد عبدالرحمن عزام ذو السيرة التاريخية المرتبطة بالوحدة الإسلامية***.

أما آن الأوان لإزالة هذا الكيان الكاذب والهش والذي لا يبرر وجوده سوى كذبة الإنتماء العروبي.دعونا ننادي بالوطنية وحقوق المواطنة لمواطني هذه البلدان على حدة ولتتحدالأوطان التي تلتقي سياسيآ  وتتحد فيما بعد على أساس وطني في تحقيق أهذاف ثقافية وإقتصادية بنآة لمواجهة العصر وليس إلتقاء عرقي “عروبي” متخلف إتحاد يعترف بخصوصية كل بلاد ويحترم التعددية الثقافية لكل مكوناتها الإجتماعية.

هوامش : 

*لا شك أن هذا لإسم تبنى منذ بدايته الفكر الأحادي الذي ساد منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي،متنكرآ للمكونات الإجتماعية الثقافية والأصلية في  المنطقة من أكراد وأمازيغ،وتبنى المكون العربي الأحادي والذي تاريخيآ يشكل الأقلية السكانية.

**في عام 1990وبعد إنعقاد مؤتمر القمة لملوك ورؤساء الدول “العربية” مباشرة غزى الرئيس العراقي (صدام حسين ) دولة الكويت المجاورة بحجة أن الكويت هي إمتدادلدولةالعراق بالرغم من أن الدولتان منتميتان إلى ما يسمى إتحاد دول الخليج ،وتحالفت الكويت مع السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لطرد (صدام حسين) وجيشه.وقام (صدام حسين)بحرق آبار النفط وكاد أن يسبب في كارثة عالمية.وكانت الجامعة العربية متفرج لم تقم بأخد أي موقف في هذه المآساة.

*** عبدالرحمن عزام كان طالبا جامعيا  في مصر ذو ميول دينية إسلامية قوية وله بعض التعاطفمع الأطروحات  القومية العربيوكان يدرس الطب مع بداية القرن العشرينوعند قيام إيطاليا بغزو ليبيا حاول الإنظمام إلى المقاومة الليبية .ومن الصدف أنه عند إنشاء هذه الجامعة من قبل المخابرات البريطانية تم اختياره أمينالها بالرغم من توجهاته الإسلامية العميقة التي كان يدعوا فيها إلى وحدة الدول الإسلامية بجميع أعراقهم وانتماءاتهم  الإثنية المختلفة….


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading