قال الفنان محمد بايري متحدثا عن التشابه بين النمطين الموسيقيين “التشابه أساسه السلم الموسيقي الخماسي المعتمد في الموسيقى العالمية، على خلاف السلم الموسيقي السباعي المعدل والمكون من سبعة أصوات.
على الرغم من أن الموسيقى السوسية الأمازيغية في جنوب المغرب والموسيقى الصينية تنتميان إلى ثقافات موسيقية مختلفة، فإنه يمكن العثور على بعض الأوجه المشتركة بينهما.
ويمكن رؤية التشابه في استخدام أنواع معينة من الآلات الموسيقية والتركيبات الإيقاعية المعقدة والتراث الثقافي العميق الذي يتجلى في العزف والأداء، ومع ذلك فإن الاختلافات الثقافية والتاريخية بين الصين والمنطقة الأمازيغية تجعل كلا منهما منطقة فريدة بطريقتها الخاصة ما ينعكس على الموسيقى بشكل عام.
ويقول الباحث في التراث الأمازيغي محمد بايري أن ما يفسر التشابه بين الموسيقى السوسية الأمازيغية والموسيقى الصينية هو التشابه بين الآلتين المستخدمتين لدى كلتيهما، ففي الموسيقى السوسية تستخدم آلة (الرِّباب) وفي الصينية آلة (الإيرهو)، وكلتاهما آلتان موسيقيتان وتريتان مصنوعتان من المواد الأساسية نفسها مع بعض الاختلافات الطفيفة.
وأضاف بايري في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن من الآلات التي تعتمد عليها الموسيقى السوسية إضافة إلى الآلة الوترية الشبيهة بالعود، هناك آلة الرِّباب “وهي آلة خاصة كونها متواضعة وتتوفر على مزايا كبيرة، ومصنوعة من مادتي الخشب والجلد وهما مادتان روحيتان يقال عنهما مواد حية ويعزف عليهما بالقوس”.
وتابع قائلا “تتوفر هذه الآلة على صندوق رنان على شكل دائري مجوف ومغلف بجلد الماعز، ويسمى أيضا بصندوق التناغم لاحتوائه على شعيرات وأوتار رفيعة كانت تصنع من ذيل الفرس وتتجاوب مع الوتر الأساسي الذي يعزف عليه الرِّباب وتتجاوب معه كل النغمات الموسيقية”.
وأردف “نجد الآلة الموسيقية الأساسية (الصينية) الإيرهو، وهي آلة وترية ذات وترين ويعزف عليها بالقوس تماما كآلة الرِّباب السوسية ومصنوعة أيضا من الخشب والجلد”.
ويتجلى التشابه بين الموسيقى السوسية الأمازيغية والموسيقى الصينية في استخدام الآلات التقليدية، إذ تشترك الثقافتان في استخدام بعض هذه الآلات المشابهة للعود، أو الوتار المغربي، كما تشترك الموسيقى في الجانبين في استخدام بعض الإيقاعات التقليدية التي تعكس تراثا موسيقيا مشتركا.
وتحتوي الموسيقى السوسية والصينية على مقامات موسيقية مميزة يشبه بعضها بعضا، ولكل منهما تقاليد شفهية غنية تنتقل من خلال الأجيال، وتنعكس بعض هذه القيم الثقافية والروحية المشتركة في التعبير الموسيقي لكل من المجتمعين.
وقال بايري متحدثا عن التشابه بين النمطين الموسيقيين “التشابه أساسه السلم الموسيقي الخماسي المعتمد في الموسيقى العالمية، على خلاف السلم الموسيقي السباعي المعدل والمكون من سبعة أصوات.
“فضلا عن أن التراكيب اللحنية في العالم بأسره تتعرض لتغيرات طبيعية ومناخية ولعوامل الهجرة والتغيرات السياسية ما يخلق تأثيرا وتأثرا بعدة أنماط موسيقية وثقافات فنية”.
والتشابه بين الموسيقى السوسية الأمازيغية والموسيقى الصينية ربما نتج عن بعض الظروف الجغرافية المشتركة، وتأثيرات الطبيعة مثل الجبال والأنهار والبحار، وأيضا عوامل الهجرة والتنقل.
وقال بايري إن القوافل التجارية التي قدمت إلى المغرب عن طريق السودان والسنغال ومالي أتت بثقافات تلك البلدان وتأثر بها المغرب، والشيء نفسه حدث مع باقي الثقافات من جهة المغرب “فطبيعي أن تجد التشابه في الثقافات بين البلدان، ومن ثم في الفنون الموسيقية أيضا”.
وأوضح بايري قائلا إنه يوجد في جنوب المغرب عدة لوحات تراثية مختلفة توحي للموسيقي بإبداع إيقاعات مختلفة تساعده على التراكيب اللحنية المختلفة وتساعده أيضا على خلق بحور شعرية تتماشى مع الخلايا والتراكيب اللحنية الإيقاعية.
وأردف “هذه الثروة اللحنية تجعل من الموسيقى السوسية غنية أكثر من موسيقى مناطق أخرى بالبلاد”.
وتشتهر الموسيقى الصينية بتنوعها الكبير وتراثها الغني الذي يعكس تاريخ وثقافة الصين على مر العصور.
وتعتمد الموسيقى الصينية على استخدام آلات تقليدية تنتج إيقاعات مميزة، كما يوجد تنوع في الإيقاعات الموسيقية بين مختلف المناطق الصينية، وهو ما يماثل ما يوجد في منطقة سوس بجنوب المغرب، كما أن تاريخ الموسيقى الصينية الذي يعود لآلاف السنين يعكس تأثيرات ثقافية وتاريخية عميقة على النغمات والإيقاعات.
وخلص الباحث في التراث الأمازيغي بايري إلى أن لكل بلد إيقاعات وموازين ومقامات خاصة تتماشى مع تراثه وثقافته وهويته “فاللهجات الموسيقية يمكن أن تختلف من لهجة إلى أخرى، كما يمكنها أن تتشابه من بيئة إلى أخرى”.
وأضاف “وهذا الأمر لا يمكن أن يفهمه إلا الفنان الذي يعزف أو يستمع للموسيقى، غير أنه في العموم تبقى الموسيقى لغة عالمية وكل الأنماط الموسيقية العالمية تعد لهجة من لهجات اللغة الأم ‘دو ري مي فا صول لا سي'”.
التعليقات مغلقة.