في خطوة غير مسبوقة، وبعد ان ظلت لسنوات طويلة تنكر وجود انتهاكات لحقوق الانسان، رضخت أخيرا البوليساريو للامر الواقع، وانحنت صاغرة أمام المطالب الشعبية التي صمدت إلى أبعد الحدود أمام القوة والبطش الشديد لميليشيات البوليساريو، لتنتصر أخيرا على ديكتاتورية قيادتها وتجعلها تصدر قرارات وإن كانت شكلية، إلا أن لها ما لها من الشأن العظيم على نفوس الصحراويين بالمخيمات، باعتبارها إذلالا غير مسبوق لقيادة البوليساريو ولرئيسها الذي أصدر قرار إنشاء اللجنة الصحراوية لحقوق الانسان قبل أيام، وهو يعرف أنه تنازل سيكلف جبهة البوليساريو الشيء الكثير، وسيكون له ما بعده من الإجراءات التي ستفرض عليه من طرف المنتظم الدولي مما يهدد بنسف الصورة التي طالما سوقت لها البوليساريو بهتانا بأن كل ساكنة المخيمات على قلب رجل واحد، وانهم متفقون على المضي في طرح الانفصال، وهو ما أثبت القرار بإنشاء لجنة حقوق الانسان بأنه مجانب للصواب، وسيعكس لا محالة الصورة الحقيقية للواقع المخيمات بأن ساكنتها تقاوم تسلط البوليساريو وديكتاتوريتها في فرض الرأي الواحد وقمع المعارضين على مر تاريخها وما نتج عن كل ذلك من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان بدءا بقمع انتفاضة 1988 وانتهاء بانتفاضة 2014 بالمخيمات، ظلت البوليساريو وقيادتها إلى وقت قريب تنكر وجودها، وتنكر قيام انتفاضات ومظاهرات من أي قبيل.
واليوم البوليساريو تتجرع السم الذي حاولت إطعامه للمغرب، بعدما فتحت النار عليه بإيعاز من الجزائر، وسلطت جيوش وبيادق لوبياتها على الأقاليم الصحراوية للبحث عن انتهاكات مزعومة لحقوق الانسان، بل وصلت بها الجرأة في أحيان كثيرة إلى تمثيل مسرحيات معدة مسبقا لتصوير وجود انتهاكات لحقوق الانسان.
ورغم ما خلقته تلك المناورات من تشويش، إلا أنها لم ترق لتطلعات الجزائر والبوليساريو في توريط المغرب دوليا في ملفات انتهاك حقوق انسان، خاصة أمام الترسانة المتينة التي اعتمدها المغرب من قبيل المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ولجنة الانصاف والمصالحة وديوان المظالم، وتدابير إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعويض كل الضحايا الذين ثبت تضررهم بصورة أو بأخرى، وضمان محاكمات عادلة، ومنح الصحراويين الحق في التعبير عن آرائهم بكل حرية رغم ما يبطن من مخاطرة على المغرب بسماحه لأعدائه باستغلال جو الحرية للتعبير عن أطروحات إنفصالية. فهل تستطيع البوليساريو أن تقوم بمثل ما قامت به المملكة المغربية؟. طبعا لن تستطيع، فالصحراويون بالمخيمات يشككون في لجنتها لحقوق الانسان التي جاءت في ظروف استثنائية، وأتت استباقا لاجتماع مجلس الامن في الشهر القادم، ولرفع الحرج أمام المنتظم الدولي الذي تناشده البوليساريو في كل يوم بالتحري عن واقع حقوق الانسان بالأقاليم الصحراوية، وتنسى أن المخيمات بتندوف هي الأولى بلجن التقصي والتحري، باعتبار ما عاشه ويعيشه الصحراويون فوق التراب الجزائري الخاضع لدولة تناصب العداء للمغرب، وتتحكم فيها ميليشيات عسكرية تحاصر المخيمات التي تؤويهم منذ أزيد من أربعة عقود، دون أن تمنح فرصة للمنظمات الحقوقية الدولية من الاطلاع على واقع انتهاكات حقوق الانسان بها.
ويبقى الأكيد أن لجنة البوليساريو لحقوق الانسان ستبقى شكلية، ولم تخلق أصلا لتعالج أي ملف من ملفات حقوق الانسان، وهو ما يعكسه قرار تأسيسها الذي يتناقض مع قوانين البوليساريو التي تنمنع إنشاء الجمعيات واللجن والمؤسسات المدنية، وهو ما اعتبره الصحراويون بالمخيمات محاولة لتلميع صورتها بالخارج، وطلبا لتهدئة الساكنة بالمخيمات التي اصبحت جريئة في رفع سقف مطالبها بضرورة محاسبة المسؤولين عن قمع التظاهرات وإسكات الأصوات الحرة.
منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.