البغرير: المعركة الخطأ
انطلق الدخول المدرسي بالمغرب على ايقاع “البغرير “، بعد ان كان الجميع يظن ان موضوع المجانية وفرض رسوم على ولوج التعليمين الثانوي والعالي، سيحتل واجهة الاحداث بعد المصادقة من طرف المجلس الوزاري، في عز الصيف وانشغال المغاربة بحديث الكبش وموال الخروف، على مشروع قانون اطار للتربية والتكوين بالمغرب…
معركة “البغرير” التي اراد بها تيار ايديولوجي معين استعادة المبادرة من خلال اعادة اللعب على اوتار “الهوية” و اللغة “المقدسة”، ليعوض بها هزيمته التاريخية في تدبير الشأن العام بالمغرب.
و للأسف انخرطت افواج من مغاربة الفايسبوك، وبدون بوصلة في معركة ليست معركتهم، وبكثير من التلفيق واختلاق الوقائع والصور الذي لن تكون ضحيته الا صورة مدرسة مغربية تعيش ازمة متعددة الاوجه منذ سنوات.
استنفذ الجهد واستهلكت الطاقة في التنديد واستنكار ادخال 3 كلمات مغربية ( البغرير – البريوات – الغريبة ) الى مقرر دراسي للتعليم الابتدائي، علما ان تلك الكلمات لا يوجد مقابل لها في اللعة العربية الفصحى وهي كلمات متداولة بشكل عادي ويومي من طرف اغلب المغاربة منذ سنوات.
قد نتفق او نختلف مع هذا الامر، و لكنه لا يرقى الى مستوى القضية التي تشغل الراي العام وتحدث حولها الاصطفافات، خاصة في سياق سياسي يتميز باتجاه واضح من الدولة لرفع يدها عن التعليم كخدمة عمومية، وتحويله الى مجرد سلعة تباع وتشترى وفق منطق السوق.
في نظري المتواضع، ان القضايا الاساسية اليوم التي تشكل جوهر تدبير الشأن التربوي، والذي ستحدد بشكل كبير مساراته غدا، تهم اولا اشكالية تمويل منظومة التربية والتكوين، والذي تحاول الدولة اليوم بشكل واضح وضع تبعاته على عاتق اطراف اخرى كالأسرة والقطاع الخاص والجماعات الترابية قصد تخفيف الضغط على الميزانية العامة للدولة تحقيقا لتوازنات ميزانياتية لا تهتم بكل تعقيدات المسالة الاجتماعية وانعكاساتها.
و ثانيا مسالة لغات التدريس وتدريس اللغات، وخاصة بعد تعميم المسالك الدولية في التعليمين الاعدادي والثانوي والاتجاه نحو تهميش الامازيغية بشكل شبه نهائي في تناقض مع منطق الدستور الحالي.
ثم ثالثا اشكالية التأطير البشري للمنظومة من خلال الاصرار الغريب على اقصاء التربية والتعليم من مناصب التوظيف في الميزانية العامة للدولة وجعلها خاضعة لمنطق التعاقد، وان لبس لبوس النظام الاساسي للأكاديميات .تلك هي القضايا التي يجب ان تحتل واجهة النقاش العمومي اليوم ولكن للأسف كان لأصحاب “البغرير” راي اخر.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.