البابا في بلد الانفتاح التاريخي، امتزاج الأذان مع الترانيم المسيحية
الحبر الاعظم جذبته “تيسنت” اي الملحة المغربية الى البلد ليؤكد مرة اخرى، كما اكدت زيارة البابا يوحنا بولس الثاني سنة 1985، خصوصية هذا البلد الافريقي الاسلامي المتميز بثقافته و بحضارته.
زيارة البابا فتحت لنا نوافذ مغلقة من تاريخنا الشمال الافريقي و المغربي اغلقتها الايديولوجيات الدخيلة على البلد التي لا تريد له ان يحيا تميزه و عراقته و تفتحه .. زيارة البابا تذكرنا بمسالك تاريخنا العريق التي سدته الاجمات فحجبت عنا عظمته، مسالك تقودنا الى معرفة امجاد هذا البلد و تاريخه و حضارته. من هنا نستذكر التاريخ المغربي الذي طمسته الايديولوجيات التي ما فتئت تريد تغيير ثقافة هذا البلد منذ الرومان الى الايديولوجيات الحالية المستوردة القومية منها و الاسلاموية.
زيارة البابا لبلدنا تؤكد مرة اخرى خصوصية هذا البلد، و تنوعه وتعدده في اطار وحدته المتجذرة في التاريخ. زيارة تذكرنا برموزنا و بتاريخنا المسيحي و اليهودي الذي وسم فترات من تاريخنا الذي لا تستطيع اية ايديولوجية دينية محوه مهما حاولت.
تذكرنا الزيارة بخصوصية حضارتنا و ثقافتنا التي تستوعب كل وافد و تصوغه بقالبها الثقافي. فقد تلقى اجدادنا المسيحية و مزغوها فاعطوا قديسا من اعظم القديسين في الديانة المسيحية الذين اثروا فيها، انه القديس اغسطين يا سادة (454- 340م)، و الذي اعطى لهذه الديانة بعدها الافريقي و الانساني المستمد من ثقافة شمال افريقيا، فعده الكاثوليك من اهم قديسيهم و صنفه البروتيستان من اهم المنابع اللاهوتية لتعاليم الإصلاح البروتستانتي حين زاوج بين العقل و الدين.
و كذلك الشأن بالديانة السماوية الاخرى أي اليهودية التي دخلت المغرب قبل المسيحية، و وسمت ثقافتنا بميسمها الذي ما يزال بعض آثارها الى اليوم ، ولعل القليل منا من يعرف ان جثمان النبي دانيال مدفون في منطقة اسافن و ما زال مرقده يزار ( حسب الرواية الشفوية طلب سكان المنطقة استقدام ثابوت النبي دانيال من فلسطين الى هذه المنطقة بعد سنوات من القحط، فكان شرط احبار اليهود في الشرق هو 20 من شباب المنطقة كرهائن الى ان يتم ارجاع الثابوت، تم استقدام الثابوت و به جثمان النبي فعم الرخاء المنطقة، و لسبب ما بقي النبي دانيال مدفونا في هذه المنطقة)، فلا غرو ان يتقاسم اولياء اليهود هذه التربة المغربية مع الاولياء المسلمين.
و حل الاسلام و اعتنقته الاغلبية ايمانا أو ممارسة و كيفه المغاربة بثقافتهم الامازيغية، و احتكموا في ظل الاسلام الى قوانينهم الوضعية المسماة بالعرف في التدبير السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي.. فيما يسمى الان بالخصوصية المغربية المبنية على احترام الانسان ( فلم يطبق الامازيغ الحدود لكنهم اخذوا بجوهر الاسلام في اعلائه من شأن الانسان) قبل ان تزحف علينا الايديولوجيات الواردة و فتحت ثغرات في ثقافتنا نعيش مساوئها اليوم في شكل اصوات متطرفة و تيارات دينية واخرى سياسية تتلبس لبوس الدين.
زيارة البابا ليشاركنا” تيسنت/ الملحة” هو اعتراف بتميز هذا البلد بثقافته و بهويته و بانفتاحه الشيء الذي يستدعي تعميق ركائز هذه الثقافة المغربية الاصيلة:
– ترسيخ الهوية الافريقية الاصلية للمغرب بدلا من اللهات وراء من ينعتوننا بالموالي، الى ان أصبحنا كغراب ابن المقفع.
– فتح باب الحريات الدينية و ألا تكون المواطنة على اساس ديني( فالدين لله و الوطن للجميع)، ليتبوأ المغرب الريادة في الحوار و التعايش بين الاديان مما يعزز مكانته الدولية الشيء الذي سيخدم قضايانا الوطنية.
– الاعتزاز بهويتنا و بتاريخنا بدل اقصاء تاريخنا قبل الاسلام و كأننا امة لقيطة لا تاريخ لها و لا هوية .
– ان يكون اساس المواطنة هو الانتماء الى هذه الارض بثقافتها و بهويتها و بحضارتها.
نقول للحبر الاعظم ” برك غ تمازيرت نغ” مرحبا بك في بلدنا.
ذ. الحسن زهور
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.