في كتابه ” مسامير ” ذكر الراحل إبراهيم أوحسين قولا لعبد الله القصيمي أثار دهشتي “كن صهيلا بلا جواد ، لا جوادا بلا صهيل “ص،9
لم يكن يدرك إبراهيم أنه جواد أصيل أثخنه الرسن ، لكن صهيله لا يعرف الوسن.
لم يدرك أنه كان الجواد ، و كان الصهيل .
حفيد الرافعي ، هكذا كنت أناديه في اتصالاتنا و حواراتنا ، تعرفت إليه ذات ربيع ، في سياق ثقافي بمدينة أيت ملول بكلية اللغات ، توالت بعدها اللقاءات الثقافية و الفكرية و العلمية في العديد من الأنشطة المشتركة بجهة سوس ماسة .
إبراهيم كان رجلا نبيل الخصال ، كريم الخلال ، رقيق الحاشية ، لطيف العبارة ، سمح الخلق ، طيب القلب ، سمته التعاطف ، و الصدق و العطاء بلا قيد أو شرط ، لم تكن تعرف الضغينة إلى قلبه بابا ، و لا الحقد إلى نفسه منفذا ، حارب الجهل بخيوط النور ، وحصد البخل بمناجل الكرم ، و هدم الجور و الحيف بمنطق الإنصاف ، سعى على الدوام إلى مد جسور الود و المحبة بين معارفه …..
إبراهيم رغب في عمره القصير في نقاء يسود العالم ، و رفاهية للغرثى و الثكالى و اليتامى و البائسين و المعطوبين …
إبراهيم اجتمعت فيه خصال تفرقت في غيره ، كره الأضواء و بريقها فأثار الظل لأن الله حباه بنعمة التواضع و القناعة و الرضى .
إبراهيم المبدع و الفنان و الكاتب ، كان مرهف الحس ، سلس الكلام ، بليغ اللسان ، خطيبا و شاعرا ذا بيان ، حريصا كل الحرص على اللغة العربية في اشتقاقها و تصريفها و إعرابها ، و بلاغتها و مفرداتها و فصاحتها و بيانها ، كان ضابطا لأحكام تغير أواخرها من رفع و نصب و جر و جزم . فقد أخذ من المنفلوطي و الرافعي والعقاد دقة اللغة و جزالة اللفظ ، و أخذ من النابغة الذبياني و امرئ القيس و طرفة بن العبد و عنترة ، البساطة وعدم التكلف و القول الجامع و فصاحة التركيب ، لقد كان أوحسين مرجعا في اللغة لأنه أجادها مطلعا على عيون المصادر و أمهات المراجع .
إبراهيم أوحسين هو حفيد الرافعي بحق ، فكثيرا ما دعاني و بإلحاح لقراءة ” وحي القلم ” و كتاب ” على السفود ” في كل تواصل كان يسألني إذا ما كنت قد قرأت الكتابين ، و كنت أتعلل بعدم وجود الكتابين في المكتبات المجاورة ، فأرسل لي كتاب ” على السفود” إلكترونيا .
كان متتبعا للأنشطة الثقافية لرابطة كاتبات المغرب محليا و جهويا ووطنيا ،سعيدا بما حققه الفرع الإقليمي لاشتوكة أيت باها من أنشطة في المعارض الجهوية و الدولية للكتاب ، حيث كان مشرفا و محكما في صنف العربية و الأمازيغية لمسابقة ” مبدع الغد ” التي ننسقها و نؤطرها مع الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين ، و طيلة اشتغالنا معا لم يظهر إبراهيم مللا و لا تبرما ، أسبل الله عليه نعمة رحابة الصدر ، الذي لم يعرف ضيقا أبدا .
إبراهيم – حفيد الرافعي- لم يقرأ لي مقالا أو نصوصا إبداعية أو تصريحا إذاعيا أو مداخلة ، إلا و اتصل و هنأ و شجع و حفز و ثمّن .
إبراهيم أوحسين ناصر المرأة و قضاياها ، فكان مدافعا و مترافعا ، ظل يقدر المرأة أما و أختا و زوجة و ابنة و زميلة و صديقة ، لا أنسى أنه عرفني على العديد من الكاتبات و المبدعات داخل الجهة و خارجها داعيا إيانا إلى توحيد الجهود و التعاون ، فكان نعم الأخ مناصرا و داعما و محفزا نكران الذات زين خلقه، فكان نعم الموجه و نعم الناصح .
إبراهيم أوحسبن كانت قضايا المهمشين رسالته و التعاطف مع المستضعفين دأبه ، و مناصرة الضعفاء ديدنه .
فبرحيلك إبراهيم أوحسين و فقدك ، نكون قد فقدنا أخا داعما ، ناصحا ، موجها ، مصاحبا في نجاحاتنا و إخفاقاتنا ، و تكون سوس قد فقدت ابنا بارا من أبنائها و علما من أعلامها .
الأستاذة : مينة الحدادي
المنسقة الجهوية لرابطة كاتبات المغرب ، جهة سوس ماسة .
التعليقات مغلقة.