أشنكلي: نعمل من أجل التوازن بين حجمي الاستثمارات والإمكانيات الاقتصادية التي تتوفر عليها الجهة..

ننشر كلمة كريم أشنكلي رئيس مجلس جهة سوس ماسة في الدورة العادية لسهر أكتوبر 2022 كاملة تعميما للفائدة :

“يسرني غاية السرور أن أعبر لكم عن امتناني وشكري لحضوركم أشغال هذا الاجتماع الذي يندرج في إطار الدورة العادية لشهر أكتوبر 2022، وأرحب بالسيد الوالي على تفضله مشاركتنا أشغال هذا الاجتماع.

إننا اليوم، نلتئم والعالم يعيش ظرفية دقيقة أرخت بضلالها على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لمعظم بقاع العالم، لكن الجهود المبذولة من طرف الدولة، وكل الفاعلين لتخفيف من تبعاتها، جعلتنا متفائلين وعازمين على مواجهة هذا الوضع واستثماره في تقوية قدراتنا لمجابهة الأزمات.

ولا شك أنكم تعرفون جيدا، أن بلادنا عرفت في العقود الأخيرة نقلة نوعية على مستوى جميع المجالات، بحيث تم إرساء قواعد متينة لإقلاع اقتصادي بقيادة حكيمة ومتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وفي ظل هذه الدينامية تتنافس المجالات الترابية لخلق تنمية تتناسب مع حجم إمكانياتها، خاصة وأن من غايات ورش الجهوية المتقدمة هو جعل المجال الجهوي رافعة للتنمية.

إلى ذلكم، فإنه من حقنا أن نتساءل اليوم عن مكانة جهتنا فيما تشهده بلادنا من هذه الدينامية الاقتصادية والاجتماعية وخاصة على مستوى مساهمتها في خلق الثروة الوطنية.

ومما لا شك فيه، أنكم ستلاحظون من خلال الاحصائيات أن مساهمة الجهة في خلق الناتج الداخلي الخام لا يتناسب مع حجم الإمكانيات الاقتصادية التي تتوفر عليها الجهة.

وانطلاقا من هذا، فإن هذه الوضعية لا يمكن أن تساءل الجهة كمؤسسة ترابية لوحدها، وإنما كل الفاعلين، بحيث أن استثمارات الجهة كمؤسسة لا تمثل إلا جزء يسيرا من الاستثمارات الاجمالية العمومية، مما ينبغي معه التساؤل حول مدى توازي هذه الاستثمارات وحجم الإمكانيات الاقتصادية التي تتوفر عليها الجهة.

وفي ظل هذا النقاش، فإن عزيمتنا قوية للترافع والقيام بما يلزم من أجل تدارك هذه الوضعية، تماشيا مع الإرادة الملكية السامية لجعل جهة سوس ماسة قطبا اقتصاديا بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وإمكانياتها المتنوعة.

إلى ذلكم، فإنه تم إعداد مشروع ميزانية 2023 وفق الأخذ بعين الاعتبار ما سبق الإشارة إليه من جهة، وكذا العمل على الوفاء بالتزامات الجهة المندرجة في إطار التعاقد والشراكة مع مختلف الفاعلين من جهة ثانية، وقد سعينا أن تكون تقديراتنا متسمة بالحيطة والحذر على مستوى المداخيل، والعقلنة على مستوى تدبير النفقات.

وبذلكم، نتوقع أن تناهز المداخيل نحو 805 مليون درهم سيخصص منها 597 مليون درهم للاستثمار، من ضمنها 71 % لتغطية الالتزامات السابقة، وقد لامست هذه الاعتمادات القطاعات ذات الصلة بالاختصاصات الموكولة للجهة.

وتكمن أهمية هذه الوثيقة أيضا في كونها رافعة لموارد إضافية ستعبأ لدى الشركاء عبر اتفاقيات الشراكة المبرمة والتي ستبرم خلال هذه الدورة، والمقدرة ب 5 مليار درهم ما بين 2022 و2025.

وكما يتضح للجميع، أننا سائرون على النهج الذي تم رسمه والمؤطر بوثائق التخطيط وخاصة التصميم الجهوي لإعداد التراب، إيمانا منا بأن الاستمرارية في البناء تعتبر من الركائز الأساسية لتحقيق النتائج المرجوة مع ما يتطلب ذلك من تقييم لتجاوز مختلف الاكراهات.

وهكذا، فإن جدول أعمال هذه الدورة تم إعداده وفق هذه الرؤية، ويتضمن فضلا عن الشق المالي مجموعة من مشاريع اتفاقيات تهم الميادين الاقتصادية وفك العزلة، والاجتماعية والبيئية، زيادة عن الميدان الثقافي والتعاون اللامركزي.

فبخصوص الميدان الاقتصادي، فقد تضمن مشاريع تروم دعم النسيج المقاولاتي، والتكوين في التقنيات الحديثة متعلقة بالبرمجة الرقمية، كما يشمل مشاريع ذات الصلة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني وخاصة الصناعة التقليدية، لما يوفر هذا القطاع من فرص للشغل وما يختزله من تراث لا مادي يستوجب المحافظة عليه واستثماره، كما أن القطاع السياحي ومواصلة للجهود الرامية للنهوض به، حظي بالاهتمام من خلال دعم المهنيين للقيام بالأدوار المنوطة بهم، علاوة عن استثمار الفرص المتاحة في ميدان ركوب الأمواج للترويج السياحي، كما أنه سيتم دعم قطاع الصيد البحري من خلال المساهمة في تنظيم معرض أليوتيس الذي يعتبر فرصة للفاعلين في هذا المجال للاطلاع على أحدث التقنيات والخبرات المرتبطة بهذا القطاع.

وفيما يتعلق بميدان التأهيل الحضري وفك العزلة، فإن المشاريع المدرجة في هذا الصدد تهم تهيئة مراكز بعض الجماعات والطرق والتزود بالماء الصالح للشرب، وكذا الكهربة القروية والتي سيتم إنجازها من خلال دعم الجماعات، في إطار التعاون كمبدأ من المبادئ الأساسية للجهوية المتقدمة، ومن شـأن هذه المشاريع أن تحسن من الإطار المعيشي للساكنة.

أما بالنسبة للميدان الاجتماعي، كاختصاص مشترك مع الدولة فقد تم الحرص على إدراج مشاريع من شأنها أن تساهم في تنمية هذا القطاع، والتي تلامس جوانب الصحة، النقل المدرسي، تشجيع تمدرس الفتاة، إضافة إلى دعم الأشخاص في وضعية هشة، وكذا إنعاش الرياضة.

أما في الميدان البيئي، فقد تضمن كما جرت العادة مشاريع التطهير السائل، والحماية من الفيضانات والمستفيدة من البرامج الوطنية ذات الصلة بهذا القطاع، ايمانا منا بأهمية البعد البيئي في التنمية المستدامة.

ووفاء منا بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا خلال السنة الماضية، حين تعرضت إحدى واحات طاطا للحرائق، فقد تمت برمجة اتفاقية شراكة من الأهمية بمكان سنسعى من خلالها إلى حماية واحات طاطا من الحرائق والمساهمة في تهيئتها وتأهيلها، ومن شأن هذا المشروع المهيكل الذي خصص له غلاف مالي يناهز 112 مليون درهم، أن يكون دعما للاقتصاد الواحاتي إنصافا لهذه المنطقة العزيزة الشبه الصحراوية التي تشكل ما يقارب نصف مساحة الجهة.

أما عن الميدان الثقافي، فبدوره يشمل مشاريع تروم الحفاظ على الموروث الثقافي وكذا التراث اللامادي والاعتناء بالمآثر التاريخية، وفي هذا الخضم لابد من الإشارة إلى أن الثروة الثقافية الجهوية تحمل آفاقا واعدة، من شأن استثمارها بالشكل الأنجع أن تكون رافعة للتنمية المستدامة.

وانخراطا في الدينامية التي تعرفها بلادنا على مستوى الدبلوماسية الموازية، فإننا نطرح للتداول اتفاقية التعاون مع جهة البراكنة بدولة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، التي نتوخى من خلالها دعم أواصر الصداقة والأخوة بين ساكنة الجهتين، وكذا وضع اللبنات الأساسية للتعاون الثنائي في إطار مقاربة رابح رابح، كما أن هذا التعاون سيشمل أيضا اتفاقية مع جهة الرباط سلا القنيطرة التي ستكون إطارا لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.

انطلاقا من عملنا سويا خلال سنة كاملة فإنني على يقين تام، على أن الجميع منخرط في هذه الدينامية التي نؤسس لها خلال هذه الولاية الانتدابية والتي قوامها الشراكة، التعاون التشاور، والإشراك، كما أنني على ثقة تامة بأننا سنربح الرهان لما لامسته لدى الجميع من جدية ومسؤولية وعمل دؤوب، وأود أن نستثمر هذه الحيوية والعزيمة في انجاز البرنامج التنموي الجهوي الذي يعتبر خارطة طريق ستجسد الرؤية الاستراتيجية التي سنعمل سويا على بلورتها.

ولا أخفيكم، أن لدينا من الأفكار والتجارب ما يكفي لإعطاء تصور في هذا المضمار، غير أن منهجية اعداد هذه الوثيقة كما هو منصوص عليه في المراجع القانونية ذات الصلة يقتضي احترام المساطر الموضوعة لإنجاز هذا البرنامج.

وبهذه المناسبة أخبركم في هذا الصدد، بأننا قطعنا شوطا مهما في اعداد هذه الوثيقة، وسنعمل جاهدين على إخراجها الى حيز الوجود قبل متم هذه السنة.

وغير خاف عليكم، أن هذا الورش يستدعي تظافر الجهود لبلورة مشروع ينسجم وواقع الحال، ولن يتأتى هذا إلا بمساهمة الجميع من خلال ورشات النقاش التي ستنظم في هذا الإطار، بكل الأفكار التي من شأنها أن تكون قيمة مضافة في هذا العمل لأنه في الأخير سيكون منا وإلينا.

أشكركم مرة أخرى على المجهودات المبذولة للاضطلاع بالمهام المنوطة بكم كل حسب موقعه والدور الموكول له، كما أشكر السيد الوالي على كل ما يبذله للرقي بهذه الجهة، كما أغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالشكر الجزيل لكل الفاعلين الجهويين على مساندتهم المتواصلة للنهوض بالجهة.”