أرقام نسب نمو الاقتصاد المغربي الغير الواقعية أو حينما تستهزئ الأحزاب السياسية المغربية بذكاء المغاربة
أزولبريس//
يعتبر الشق الاقتصادي أهم مرتكزات البرامج التي تدخل بها الأحزاب السياسية غمار المنافسة في الدول الديموقراطية، ويكون مؤشر النمو هو المقياس الذي يعتمده الناخب في تحديد اختياراته وقناعاته، لذا تعمل الأحزاب على تقديم معدل أقرب من التحقيق لأنه على أساسه ستحاسب في حال فوزها بعد انتهاء ولايتها.
بيد أنه في بلدنا المغرب لا تجد أحزابنا السياسية غضاضة في التشيار بأرقام نمو غير واقعية ، يعتبر تحقيقها من رابع المستحيلات للأسباب التالية:
- ضعف الاقتصاد المغربي الذي يبقى مرتبطا بالقطاع ألفلاحي، وبالتالي بسقوط الأمطار رغم سياسة بناء السدود التي ينهجها المغرب منذ عقود، وفي مفارقة عجيبة بتهجير الفلاحين الصغار من خلال مراسيم التحديد ونزع أراضيهم ، عوض تأهيلهم ودعمهم للانخراط في الدورة الإنتاجية
- اعتماد المغرب على المساعدات الأجنبية والتي تتجاوز مليار ونصف مليار دولار سنويا في ميزانيته، والتي يمكن أن تتراجع في أي لحظة، والمغرب يعد من الدول القلائل في العالم التي تقامر في إعداد ميزانيتها، وفوق هذا تبقى هذه المساعدات متى حصلت غير واضحة وعادة ما تسلك قنوات غير شفافة.
- عدم تحقيق اقتصاد المغرب لدينامية مشهود لها مثل بعض الدول الصاعدة فعلا ومنها تركيا. فهو في أحسن الحالات لا يسجل أكثر من 4% إذا كانت السنة الفلاحية استثنائية، وإذا كانت الاستثمارات الأجنبية مرتفعة وخاصة التي تخلق مناصب الشغل وليس الخوصصة.
- ارتفاع المديونية الخارجية منها بالخصوص (80% هذه السنة ) ما سيحرم المغاربة من الاستثمار في قطاعات هامة مثل التعليم والصحة والعديد من الخدمات الاجتماعية، وإنهاك القدرة الشرائية من خلال ارتفاع الأسعار في البلاد بشكل مرعب وخاصة الماء والكهرباء والنقل وبعض الخدمات، الأمر الذي سيجعل الاستهلاك يتراجع مما سيؤثر على المنتوجات الوطنية .
وفي تقاريره الأخيرة، رسم بنك المغرب صورة سوداء لاقتصاد الوطني وخاصة تشاؤمه بشأن النمو الاقتصادي خلال السنة الجارية والثلاث سنوات المقبلة، علما أن المغرب يعتبر من الدول القليلة في العالم التي تسجل فارقا يفوق النقطتين بين التكهن بنسبة النمو في البدء والنتيجة النهائية للنمو. وكان بنك المغرب والحكومة قد تحدثا عن أكثر من 4% من النمو الاقتصادي لسنة 2016، والآن يعترفان أنه من الصعب تجاوز 2%.
لم تثن هذه التقارير المتشائمة لبنك المغرب، الأحزاب السياسية عن تقديم نسب نمو تدعي القدرة على تحقيقها في برامجها الانتخابية لاقتراع 7 أكتوبر المقبل والتي تتراوح ما بين 4 % و 7%. وهي نسب تبقى غير واقعية لاسيما في ظل الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الوطني وكذلك الاقتصاد الدولي. ما يدل على أن هذه الأحزاب غير جدية في برامجها وتدرك أن دورها لا يعدو أن يكون كراكيز يتم تحريكها وفق أجندات لا تتحكم فيها، مستغلة ضئالة الثقافة الاقتصادية لدي عموم الناخبين وغياب وسائل الإعلام المتخصصة في الاقتصاد وعدم منح الصحافة العادية حيزا للقضايا المالية وقلة الخبراء.
وهكذا،يعتبر حزب العدالة والتنمية مفارقة حقيقية. فقد وعد المغاربة بنسبة نمو 7% خلال الحملة الانتخابية لسنة 2011، وهذا يعني ارتفاع الناتج الداخلي الخام ب 35% في الوقت الراهن، لكن العكس هو الذي تحدثنا به الأرقام الحقيقية، إذ انحدرت نسبة النمو إلى أقل من 2%. رغم 4 سنوات عرفت غزارة الأمطار في عمر ولايته إضافة إلى انخفاض أسعار البترول إلى مستويات قياسية، كما ارتفعت المديونية إلى مستوى غير مسبوق (80% من الناتج الخام الداخلي )، وأمام هذه الأرقام الكارثية لم يتردد الحزب في إعلان في برنامجه عن نسبة تفوق 6%، فيما حليفه التقدم والاشتراكية وقف عند حدود هذا الرقم المستحيل تحقيقه في ظل الأوضاع الاقتصادية الوطنية منها والدولية من جهة، وفي بلد المال مرتبط بالسلطة.
في حين طرح حزب الأصالة والمعاصرة المعارض تحقيق نسبة من النمو تحوم حول 5%، وبدوره تحدث حزب الاتحاد الاشتراكي عن نسبة تفوق هذا الرقم . والمفارقة أن أحزاب لها خبراء اقتصاديين مثل الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية ساهما في “سباق” تقديم نسب نمو غير واقعية للاقتصاد المغربي. ولا يمكن للاقتصاد المغربي تحقيق نسبة النمو التي تتحدث عنها الأحزاب وهي ما فوق 5% لأسباب منطقية سبق ذكرها.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.