يعتبر الملف الحقوقي لأرامل و ابناء الشهداء من اكثر الملفات الحقوقية حساسية كونه يحمل صبغة اجتماعية وتاريخية و سياسية و شبه عسكرية فالشهداء والمفقودين عناصر من القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة استشهدوا في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، لكن أصحاب الحقوق هم افراد اسرة الشهيد والمفقود هم اشخاص مدنيين، لذلك انقسمت المسؤولية على الملف بين عدة مؤسسات تشريعية و عسكرية. ورغم ذلك فإن ملف حقوق عائلات الشهداء عمر لمدة أربع عقود و نصف و لم تتم تسويته لغاية هذه اللحظة ، حيث توصلنا باتصالات من بعض أرامل الشهداء و أبناءهم يؤكدون توجههم نحو الرباط بداية الاسبوع للاعتصام امام البرلمان.
و عند سؤالنا لإحدى بنات الشهداء عن اسباب تنظيم هذا الاعتصام رغم أن جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يولي عناية خاصة لهذه العائلات و قد جاء على ذكرها في خطابه الملكي السامي بمناسبة الذكرى 66 لتأسيس القوات المسلحة الملكية، كما أن مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الإجتماعية لقدماء العسكريين و قدماء المحاربين قد بثت اكثر من مرة روبورتاجات تظهر العناية و الرعاية التي تحظى بها عائلات الشهداء و تسليمهم وثائق السكن و متابعة الحالات المرضية و غير ذلك، أجابتنا ابنة الشهيد قائلة لن ننكر فضل و رعاية جلالة الملك محمد السادس نصره الله و من قبله والده المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني، فقد صدرت مذكرات ملكية عديدة تشدد على الاهتمام بعائلات الشهداء و حل ملفهم كما أن مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين و قدماء المحاربين تعمل على تقديم يد العون لبعض افراد هاته العائلات، لكن هذا يخص الجانب المليء من الكأس فقط، أما الجانب الفارغ للأسف لا يراه احد سوى المتضررين من أرامل و ابناء الشهداء.
ففي مقابل استفادة بعض عائلات الشهداء من حقوقهم لا تزال عائلات كثيرة محرومة من ذلك، فإذا قسمنا الحقوق إلى جزء يخص الأرامل و جزء يخص الأبناء، فكلاهما لا يزال ينتظر ، بالنسبة للأرامل رغم مرور ثلاث و اربع عقود على استشهاد أزواجهن فلازلن بدون سكن يعانين على ابواب المستشفيات لتحصيل موعد للفحص الطبي، و المعاش لا يكفيهن بين واجبات الكراء و التطبيب خاصة أن غالبيتهن يعانين من أمراض مزمنة، و هذا بالنسبة لهن ليس مشكلا فقد بلغن من العمر عتيا و تعودن على الصبر و اجترار الفقر و الفاقة، لكن الهاجس الذي يقض المضاجع و يؤلم هو حال الابناء، حيث أن ابناءهم لم يتم منحهم صفة مكفول الأمة رغم أن الاب استشهد و تركهم اطفالا بل بعضهم كان رضيعا او جنينا في بطن أمه، كافحت الامهات حتى درس الابناء و حصلوا على الشواهد و تجاوزوا سن الأربعين بدون عمل حتى رخص النقل لم يستفيدوا منها، و بعض البنات بالأقاليم الجنوبية حصلن على نصف بطاقة انعاش رغم ان البقية حصلوا على بطاقة كاملة و هو ما اعتبروه تمييزا غير مفهوم ، لذلك لم يبقى امامهم سوى التوجه نحو العاصمة في أول يوم من يونيو القادم و الاعتصام أمام قبة البرلمان كونها مؤسسة تشريعية عليها أن تدافع عنهم و تحسم في ملفهم.
و من باب التذكير فقد اندلعت الحرب سنة 1975 مباشرة بعد تحرير الأقاليم الجنوبية للمملكة من الاستعمار الإسباني، حيث دافعت القوات المسلحة الملكية عن السيادة المغربية على اقاليمه الجنوبية ضد ميليشيات مرتزقة البوليساريو الذين كانو يحاربون بالوكالة عن الجزائر التي تسعى و لا زالت إلى زعزة استقرار البلاد و فشلت في مساعيها و استنزفت ثروات الشعب الجزائري على مخطط فاشل و صمدت المملكة المغربية بفضل رجالها الذين حاربوا بشراسة حتى استشهد من استشهد و فقد من فقد و لكن التاريخ أكد ان المغرب قوي برجاله الأوفياء الشهداء و نسائه الحرائر اللواتي تمكن من مواصلة الجهاد بتربية الأبناء .
توقيع منى الحاج داهيا/ ابنة شهيد حرب الصحراء المغربية
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.