القناة الأمازيغية والعودة إلى نقطة الصفر

وديع سكوكو

في إطار الندوة التي نظمتها القناة الأمازيغية يوم 14 فبراير 2018، حول عزم القناة اعتماد البث المتزامن بالفروع اللغوية الأمازيغية (تاريفيت، وتامازيغت، وتاشلحيت). نحاول في المقالة أسفله وفي نفس السياق أن نتقدم برأينا في الموضوع.

 بعد طول انتظار ونضال طويل خاضته الحركة الأمازيغية، من أجل الإسراع بإنشاء قناة أمازيغية، تحاكي واقع، واهتمامات، وتطلعات المجتمع المغربي عامة والأمازيغي خاصة، تم الشروع في البث التجريبي يوم 06 يناير 2010، وبعده البث الفعلي يوم 01 مارس من نفس السنة، مما ترك انطباعا جميلا لدى عموم المغاربة، بمناسبة مولود إعلامي جديد، يُنتظر منه أن يكون قيمة مضافة للساحة الإعلامية المغربية، خصوصا وأنه مرتبط أشد الارتباط باللغة، والثقافة، والتاريخ، والحضارة الأمازيغية. كما أنه مواكب للتطورات التي يعرفها العالم على جميع الأصعدة، وبتقنيات ووسائل لوجيستيكية عالية الجودة.

تبعا لما سبق، لابد من الإشارة إلى أن وضع القناة الأمازيغية، يختلف عن وضع باقي القنوات الأخرى، لاعتبارات عدة، من بينها أن القناة عليها أن تأخذ بعين الاعتبار التنوع الجهوي، والثقافي، واللغوي الأمازيغي، من خلال الفرع تاريفيت، تامازيغيت، وتاشلحيت، وذلك في بث تلفزي منسجم ومتكامل، يسعى إلى تقديم المادة الإعلامية إلى الجمهور المغربي بهاته الفروع الثلاث، بشكل تدريجي ونسقي، أملا في الوصول إلى مرحلة من المراحل المتقدمة، التي تقدم فيها القناة الأمازيغية بثها بلغة أمازيغية تتجاوز مفهوم اللهجات، التي مازال العمل بها إلى حدود الساعة بالإذاعة الأمازيغية، رغم ما راكمته من تجربة منذ عقود، والمقصود هنا هو العمل على خلق إذاعة أمازيغية واحدة وموحدة، من خلالها سيعتاد الجمهور بصفة عامة على تلقي المادة الإعلامية بلغة أمازيغية يجد فيها الجميع نفسه، سواء أكان من الشمال أو الوسط أو الجنوب.

إن العمل بالبث المتزامن الذي تسعى القناة الأمازيغية العمل به، سيعيدنا لا محالة إلى نقط الصفر، بمعنى آخر، أننا سنعود إلى تكريس مفهوم اللهجات الأمازيغية، الذي عملت به الإذاعة الأمازيغية كما تمت الإشارة إليه أعلاه. حيث أننا سنؤسس لجمهور انتقائي لمادة لم تصل بعد مرحلة الانتقاء، بل هي مرحلة التأسيس والبناء الإعلامي الأمازيغي، الذي يروم تقديم البث بلغة أمازيغية واحدة، يتفاعل معها الجمهور كيفما كان وأينما كان. وليس إلى “لَهْجَنَة” القناة إلى نسخة تاريفيت، ونسخة تامازيغت، ثم نسخة تاشلحيت. هذا، مع الأخذ بعين الاعتبار كذلك الجانب السوسيولساني والسوسيوثقافي للقناة والجمهور معا، واعتمادا كذلك على المجهود الذي قام ويقوم به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في هذا المجال، من أجل توفير مادة لغوية تحاول “تجاوز”  منطق اللهجات، وتغطي في نفس الوقت حاجيات الإعلام والإعلاميين.

عطفا على ما سبق، نروم التنبيه في هذه المقالة إلى أن العمل بالبث المتزامن، لن يخدم اللغة والثقافة الأمازيغيتين، بقدر ما سيعيدها إلى نقطة الصفر، ويخلق معها فكرة قناة تاريفيت، وقناة تامازيغيت، وقناة تاشلحيت لمادة إعلامية واحدة. وبهذا نقول أن القناة الأمازيغية عليها أن تبقى على حالها وفق تنوعها الثقافي واللغوي المنسجم والمتداخل، الذي ستظهر نتائجه على المدى البعيد شكلا ومضمونا. وبه تبقى هذه المقالة مجرد رأي.

*باحث بسلك الدكتوراه (اللسانيات الأمازيغية).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد