الحسيمة : ندوة بإساكن تعرض لإكراهات تآكل المجال الغابوي، وتطرح البديل من أجل التصدي والحماية

شهدت منطقة إساكن، نواحي مدينة الحسيمة، مساء يوم السبت 10 فبراير 2018، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال، بقاعة الندوات التابعة لفندق تدغين، حدثا بيئيا بارزا، سيؤرخ لعهد جديد، يحمل مشعله شباب طموح وغيور، يتوق إلى غد أفضل على جميع المستويات والمجالات. وذلك في إطار الإعلان الرسمي لتنفيذ برامج مشروع بيئي هادف، تقدمت به جمعية فجر تدوين للأعمال الاجتماعية والتنمية المحلية، للسفارة الفرنسية بالمغرب، حيث حظي بقبول منها ومولته بقيمة مالية قدرها: 125000 درهم، وقد اختير له اسم: الشباب قدوة في حماية المجال الغابوي، معلنا انطلاق أشغاله بهذه الندوة الافتتاحية حول موضوع: شجرة الأرز ضمانة للتنمية المحلية بالمنطقة.

في جو بارد، يرتدي فستان البياض، وتؤثثه لوحات الطبيعة الخلابة المكسوة بالثلوج، وعلى إيقاعات الطقطوقة الجبلية، وأهازيج الموروث الثقافي الغني للمنطقة، تم استقبال الضيوف والمشاركين، بحضور ضيف شرف الندوة القنصل العام الفرنسي بطنجة.

أمام تنظيم محكم وجيد، وحضور غفير تجاوز المئتين، تم الثناء عل كل من حضر ولبى الدعوة، وساهم في إخراج هذا المشروع الى الوجود، من طرف مسير اللقاء الأستاذ “هشام العز” الذي أداره بحنكة ورصانة عالية، وتحت تصفيق الجماهير أعلن عن انطلاق فقرات الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وعزف النشيد الوطني، لتمنح بعدها الكلمة للسيد رئيس الجمعية عزيز لزعر؛ تقدم فيها بالشكر الجزيل للقنصل العام وعلى ثقته في تمويل مشروع الجمعية، واقتناعه بأهدافه، والسيدة رفيعة المنصوري نائبة رئيس جهة طنجة تطوان، كما تفضل بشكر جميع الشركاء والمتدخلين والمتعاونين: سلطات إقليمية ومحلية، المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، مندوبية المياه والغابات، الدرك الملكي، الأساتذة المحاضرين… وليطرح بعدها سياق هذه الندوة والمشروع عامة، والمتمثل في دق ناقوس الخطر بخصوص الوضع الحرج والمقلق الذي أصبح يعرفه المجال الغابوي، والعمل  على إيجاد حلول كفيلة بإخراجه من أزمته.

بعدها أعطيت الكلمة للسيد القنصل العام للسفارة الفرنسية بطنجة، الذي شكر الحضور و أشاد بحفاوة الاستقبال وحسن التنظيم، ليعرج بعدها على مشروع السفارة الفرنسية بالمغرب والتعربف به، والذي يروم بالأساس تقديم الدعم المالي لمشاريع الجمعيات في مجال البيئة ومحاربة التطرف والتعصب..

أما فقرات الندوة فقد استهلت بمداخلة عرفت الحضور بالخطوط العريضة للمشروع وأهدافه قدمتها منسقة المشروع الطالبة “حفيظة هبول”

بينما كان لمداخلة السيدة رفيعة المنصوري، نائبة رئيس  جهة طنجة تطوان الحسيمة،  أثر طيب، لتواصلها الإيجابي وسعادتها المطلقة بخصوص مشروع الجمعية وميدان اشتغالها، مؤكدة في الآن نفسه واجب الجهة دعم هذه المبادرات، والانخراط الفاعل و المسؤول من أجل أجرأتها أرض الواقع، ومنوهة بخصوبة المجال الطبيعي للمنطقة داعية الى صيانته والاستفادة منه اقتصاديا وسياحيا ..

كما شكل حضور كل من ممثلي جماعتي إساكن وكتامة دفعة معنوية، تظهر حرص الجماعتين على المشاركة المسؤولة في بناء صرح العمل التشاركي في شتى مجالاته…

وفي مداخلة السيد ممثل إدارة المياه والغابات ومحاربة التصحر، أشار الى وظائف شجرة الأرز والإشكالات والتحديات التي يواجهها القطاع الغابوي بالمنطقة، وبعض الحلول التي تقترحها الإدارة لتجاوز هذه التحديات.

وكما عرضت الندوة أيضا، من طرف المتدخلين دور المنهاج الدراسي في ترسيخ قيم المحافظة على البيئة، من خلال ورقة في الموضوع أعدها الأستاذ “كريم مجيدو” تظهر التباين الحاصل بين ما يكتسبه المتعلم في المدرسة، وصعوبة استثماره في المحيط الخارجي، عارضا أسباب ذلك ومقدما بعض التوصيات  في هذا الشأن، ومثمنا كل مدخلات و مخرجات هذا المشروع البيئي التوعوي الهادف.

لم تغفل المداخلات أيضا الجانب الدستوري في اهتمامه بالمجال البيئي، حيث أشار الباحث محمد الحموداني، في مداخلته الى أهم مقتضيات الوثيقة الدستورية في الحفاظ على البيئة، والأهمية التي أولتها للإنسان في حق البيئة السليمة، التي تحقق شروط العيش في الراهن والمستقبل.

التربية البيئية في الوسط الغابوي، موضوع   مداخلة الأستاذ الباحث المهدي المكاوي، والفاعل الجمعوي النشيط الذي ترك بصمته بدائرة كتامة، أحاط من خلالها بأهداف التربية البيئية، ودعوته المجتمع المدني الى الاهتمام بالبيئية ومناشدة الطلبة وتلاميذ المؤسسات بتعميق وعيهم، وتكريس ثقافة الاهتمام بالقطاع الغابوي لديهم  سلوكا وممارسة.

ولتتوج فقرات هذه الندوة بكلمة للتلميذة “هاجر أضبيب”، كشفت وبالملموس رغبة الجيل الصاعد في حماية المجال البيئي ليكون خير خلف لخير سلف؛ فهم وهن المستقبل الواعد لبناء جيل جديد يحرص على تجاوز كل أعطاب واختلالات التوازن البيئي.

وفي الأخير اختممت فقرات الندوة العلمية بفتح باب التساؤلات أمام الحاضرين في جو يطبعه الحوار البناء، وثقافة الإنصات وملؤه الإحساس بخطورة الوضع، وشعاره لنتحد جميعا من أجل حماية الغطاء الغابوي، وبخاصة شجرة الأرز، فهي ملك الجميع، وصورة الريف الشامخ وإرثه التاريخي والطبيعي المتميز.

وقد اختتم اللقاء بدعوة الحضور كافة إلى حفل شاي، وأخذ صور تذكارية تبرز نجاج هذه الندوة، وتقول مزيدا من هذه المبادرات في مغرب أريد له أن يسمى هامشيا، لكن بفضل أبنائه ورجالاته وطاقاته، سيبلغ صوته عاليا ويهتف بنبرة واحدة: الغابة = الحياة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد