الأمازيغ، القدس وفلسطين

 

عادل اداسكو

عادل أداسكو//

اتصل بي بعض المواطنين يسألون عن موقف الحركة الأمازيغية من موضوع القدس وعن موقفها من خطاب التظاهر لصالح القضية الفلسطينية عموما، بعد مسيرة الرباط التي لوحظ فيها غياب الأعلام واللافتات الأمازيغية، وفيما يلي رأيي الذي أعتقد أنه ينسجم مع توجهات الحركة الأمازيغية الديمقراطية بمختلف مكوناتها:
الحركة الأمازيغية حركة ديمقراطية تتضامن مع جميع الشعوب التي تتواجد في وضعية احتلال واضطهاد، باعتبارها حركة مدنية مستقلة نبعت أساسا من وجود ظلم وتمييز وانتهاك لحقوق المواطنة، ومن هذا المنطلق العام، تعتبر الحركة الأمازيغية نضال الشعب الفلسطيني نضالا من أجل التحرر، ذلك أنه بغض النظر عن الخلافات الموجود بين العرب واليهود، فإن الوضع الذي تمخض عن أحداث سنة 1948 التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل وطرد الفلسطينيين من أراضيهم هو وضع غير مقبول، من منطلق أن الأمازيغ قد حاربوا مختلف أنواع الظلم منذ فجر التاريخ الذي وجدوا فيه على أرض تامازغا.
لكن المشكل بالنسبة لنا لم يقف عند هذا الحدّ، بل إن القضية الفلسطينية التي لسنا ضدّها ، أصبحت تستعمل لمدة عشرات السنين من طرف القوميين العرب والإسلاميين ضدّ حقوق شعوب أخرى مثل الشعب الأمازيغي والكوردي والقبطي لفرض الهوية العربية على بلدان غير عربية، أي أن القضية الفلسطينية استعملت كوسيلة تعريب، وهذا هو الذي رفضته الحركة الأمازيغية ولم تقبله.
من جهة أخرى رفضت الحركة الأمازيغية شعارات التضامن مع فلسطين التي هي شعارات عرقية ودينية، ولهذا لا تنزل الحركة الأمازيغية إلى المسيرات التي ينظمها هؤلاء بالرباط أو غيرها من المدن، لأنها لا تستطيع أن تشارك في تلك المسيرات بشعارات لا تؤمن بها، فالقضية الفلسطينية إذا كانت قضية احتلال فهي قضية سياسية وليست عرقية أو دينية وينبغي لجميع الشعوب مساندتها، وهذا ما لا يقبله تجار القومية وتجار الدين لأنهم يريدون استعمال القضية لأهدافهم الخاصة. وقد ظهر هذا في الشعارات التي استعملوها الأحد الماضي مثل أن القدس عربية وقضية الأمة العربية والأمة الإسلامية، بينما موضوع القدس له سياق آخر مختلف، فالمدينة التي هي موضوع نزاع بين العرب واليهود هي أقدم منهم جميعا، فقد كانت مجالا تعاقبت فيه دول وديانات وثنية وشعوب وقبائل شتى على الأقل منذ 5000 سنة قبل الميلاد، قبل ظهور الديانات التي يطلق عليها “سماوية” بوقت طويل، وأصبحت بعد ذلك مدينة اليهود على الأقل قبل 1000 عام من ميلاد المسيح، خاصة في عهد الملك داوود، وأصبحت بعد المسيح مدينة مقدسة للمسيحيين خاصة بعد القرن الثالث الميلادي، ثم بعد ستة قرون من ميلاد المسيح دخل إليها العرب المسلمون بصلح وبدون حرب، فوجدوا بها الأماكن المقدسة لليهود والمسيحيين كما وجدوا أماكن الصلاة، وأضافوا أماكنهم ومقدساتهم على التي كانت موجودة من قبل، هذا ما يقوله التاريخ، لكن الأهواء السياسية والإيديولوجيات المتطاحنة لا تنظر إلى التاريخ بقدر ما يهمها الانتصار في الصراع بينها وبين الخصوم، ولهذا تريد إسرائيل جعل القدس مدينة يهودية وهذا مستحيل لأن من شأنه أن يؤجج الحروب في المنطقة، ويريد العرب جعل القدس عاصمة لفلسطين وهذا أيضا مستحيل لأنه يؤدي إلى نفس النتيجة، ولهذا نرى ضرورة أن يكون للقدس وضع خاص بها يتم تنظيمه كمجال دولي. لأنه بالنسبة لنا ما هو أساسي هو إيقاف الحرب بين العرب واليهود لكي يتعايشا في سلام وفي دولتين مستقلتين، ولا يمكن ذلك إذا استحوذت إحدى الدولتين على المدينة المقدسة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد